منتدى أحباب فضيلة الشيخ رزق السيد عبده
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى أحباب فضيلة الشيخ رزق السيد عبده

( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  أحباب الشيخ رزقأحباب الشيخ رزق  

 

 الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فقير الاسكندرية
Admin
فقير الاسكندرية


عدد الرسائل : 310
تاريخ التسجيل : 02/09/2008

الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة Empty
مُساهمةموضوع: الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة   الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 01, 2008 1:09 pm

الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد والصلاة والسلام على النبي الخاتم وآله وصحبه.
سلام الله عليكم ورحمته وبعد...
في مقالة سابقة على الرابط:

سبق لنا الكلام عن الخَلَف، وما يفيضه الله على المنفق خَلَف ما أنفقه من تأويل قوله تعالى (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ/39] وقوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) [الليل/5-7] ، وقد جذبتنا هواتف لسان اللغة العربية الوجودي إلى مادة (خ ل ف) ورأينا فيها الخليفة والخلاف والإختلاف، وعلاقة الخلف بالخليفة، مما جرنا إلى موضوع جديد وإن كان له علاقة بالموضوع السابق.
فنقول مستنشقين من عبير رحيق فيوضات شيخنا سيدي رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي رضي الله عنه:
أشرنا إلى علاقة الخليفة بالخلاف والاختلاف الراجع جميعها إلى مادة (خلف) اللغوية.
ونعود إلى الخلافة:
إن لفظ (خليفة) ذُكِرَ في كتاب الله في موضعين، ونُعِتَ به نبيان: آدم وداوود. أما الأول فقوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [البقرة/30-34] فأشار إلى جمعه للأسماء الإلهية، فكان مستحقاً لأن يكون خليفة لذلك.

وأما الثاني فنبي الله داوود قال تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [ص26]

ونرى هنا ظهور الاسم (الحق) الذي يفصل النزاع بين الأسماء على ما سنذكر لاحقاً، وداوود مظهراً للوجود، وابنه سليمان مظهراً لنفس الرحمن، فكأنما سليمان الإبن الذي ولد أبيه، ولذا قيل فيه: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) [الأنبياء/79].

وأما في الأحاديث فقد جاءت لفظة (خليفة) وجمعها (خلفاء في مواضع) منها الحديث الذي رواه أبو نجيحٍ العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودعٍ فأوصنا. قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبدٌ حبشي، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعةٍ ضلالةٌ رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. والنواجذ بالذال المعجمة: الأنياب، وقيل: الأضراس.

ومنها عن سفينة أن رجلاً قال: يا رسول الله رأيت كأن ميزاناً دلى من السماء فوزنت بأبي بكر فرجحت بأبي بكر ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر بعمر ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر ثم رفع الميزان فاستهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافة نبوة ثم يأتي الله الملك من يشاء. رواه البزار وفيه مؤمل بن إسماعيل وثقه ابن معين وابن حبان وضعفه البخاري وغيره، وبقية رجاله ثقات. هكذا قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد.

وفي الحديث (الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك) رواه أحمد في مسنده والترمذي وأبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه عن سفينة وقال الترمذي هذا حديث حسن. (راجع كنز العمال).

وعن سفينة أيضاً (خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء) رواه أبو داود والحاكم عن سفينة (راجع كنز العمال).

والثلاثون سنة هي خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ثم الستة أشهر التي تولى فيها سيدنا الحسن بن علي الخلافة، وكأن سيدنا الحسن لما تنازل عن خلافة الظاهر حقناً لدماء الأمة أوتي القطبانية وهي خلافة الباطن جزاءً على ذلك، ثم إن خلافة الباطن حفظت الأمة فقد حفظت القلوب من أن تتفطر عندما سقطت عاصمة الخلافة الظاهرة فيما بعد.

وتنتقل الخلافة من الباطن إلى الظاهر مع خلافة المهدي المنتظر أو قد يكون قبيله لما ورد في الحديثين:

الأول ما رواه مسلم في صحيحه عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ َقَالَ يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَاكَ قَالَ مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ يَمْنَعُونَ ذَاكَ ثُمَّ قَالَ يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَاكَ قَالَ مِنْ قِبَلِ الرُّومِ ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا قَالَ قُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ أَتَرَيَانِ أَنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَا لَا.

والحديث الثاني: ما ورد عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج من بني هاشم فيأتي مكة فيستخرجه الناس من بيته بين الركن والمقام فيجهز إليه جزء من الشام أخواله من كلب فيجهز إليه جيش فيهزمهم الله فتكون الدائرة عليهم فذلك يوم كلب الخائب من خاب من غنيمة كلب فيستفتح الكنوز ويقسم الأموال ويلقى الاسلام بجرانه إلى الأرض فيعيشون بذلك سبع سنين أو قال تسع. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. (راجع مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ الهيثمي)، والحديث له روايات عند أحمد وأبي داود والحاكم كلهم عن أم سلمة رضي الله عنها.

قلنا: والحديث الثاني يشير إلى موت خليفة قبل بيعة المهدي ولذا قلنا أن الخلافة قد تعود إلى الظاهر قُبيل خروج المهدي إلا إن كان لفظ خليفة هنا له معنى آخر فافهم.

فائدة: قال الإمام النووي في الأذكار: فصل : ينبغي أن لا يقال للقائم بأمر المسلمين خليفة الله ، بل يقال الخليفة ، وخليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وأمير المؤمنين.

قال: روينا في " شرح السنة " للامام أبي محمد البغوي رضي الله عنه قال رحمه الله : لا بأس أن يسمى القائم بأمر المسلمين: أمير المؤمنين ، والخليفة ، وإن كان مخالفا لسيرة أئمة العدل ، لقيامه بأمر المؤمنين وسمع المؤمنين له.

قال: ويسمى خليفة لانه خلف الماضي قبله ، وقام مقامه.

قال : ولا يسمى أحد خليفة الله تعالى بعد آدم وداود عليهما الصلاة والسلام.

قال الله تعالى : (إني جاعل في الأرض خليفة) [ البقرة : 30 ] وقال تعالى : (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) [ ص : 26 ] وعن ابن أبي مليكة أن رجلا قال لابي بكر الصديق رضي الله عنه : يا خليفة الله ، فقال : أنا خليفة محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وأنا راض بذلك.

وقال رجل لعمر بن العبد العزيز رضي الله عنه : يا خليفة الله ، فقال : ويلك لقد تناولت تناولا بعيدا ، إن أمي سمتني عمر ، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلت، ثم كبرت فكنيت أبا حفص ، فلو دعوتني به قبلت ، ثم وليتموني أموركم فسميتوني أمير المؤمنين ، فلو دعوتني بذاك كفاك.

قال النووي: وذكر الإمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه " الأحكام السلطانية " أن الإمام سمي خليفة، لانه خلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أمته ، قال: فيجوز أن يقال الخليفة ، على الإطلاق ، ويجوز خليفة رسول الله.

قال : واختلفوا في جواز قولنا خليفة الله ، فجوزه بعضهم لقيامه بحقوقه في خلقه ، ولقوله تعالى : (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) [ فاطر : 39 ] وامتنع جمهور العلماء من ذلك ، ونسبوا قائله إلى الفجور ، هذا كلام الماوردي.

قال النووي: قلت: وأول من سمي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لا خلاف في ذلك بين أهل العلم. انتهى كلام الإمام النووي في الأذكار.

قلنا: وهذا الذي ذكروه في لفظة خليفة الله، لا يُسلم لهم إن صح الحديث المروي في سنن ابن ماجه عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ فَقَالَ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ" ففي نص الحديث: "خليفة الله" وقد رواه أحمد والحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي في دلائل النبوة.

وقال في تذكرة الموضوعات: في الوجيز عن ابن مسعود " إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي" فيه عمر بن قيس لا شئ ولم يسمع من الحسن ولا سمع الحسن من عبيدة قلت قال ابن حجر لم يصب ابن الجوزي فقد أخرجه أحمد عن ثوبان وأبي هريرة وليس في إسناديهما متهم بالكذب. إنتهى.

وروى أحمد والحاكم في مستدركه عن ثوبان رضي الله عنه قال إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبوا فإن فيها خليفة الله المهدي" قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وضعفه غيره.

قال في فيض القدير: قال العارف ابن عربي : فالحاكم خليفة الله فإن غفل بلهوه وشأنه وشارك رعيته فيما هم فيه من فنون اللذات وميل الشهوات ولم ينظر في أحوال من أمر النظر في أحواله من رعاياه فقد عزل نفسه عن الخلافة بفعله ورمت به المرتبة وبقي عليه السؤال من الله والوبال والخيبة وفقد الرياسة والسيادة وحرمه الله خيرها وندم حيث لا ينفعه الندم.أنتهى

وقال أيضاً في فيض القدير: والإنسان إنما هو خليفة الله في أرضه يتجلى له بصفات الجلال والإكرام والقهر واللطف. انتهى.


ونحن نعتقد أن الفرق بين مقام قطبانية التصريف ومقام العبودية المحضة هو عين الفرق بين "خليفة الله" التي لم يرضَ بها سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر بن عبد العزيز في المنقول عنهما آنفاً، وبين "خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم" التي اختارها الصديق وارتضاها فإن فيها كمال العبودية، ولنا مقالة سابقة في "العبودية والخصوصية" على الرابط:

فإن لفظة "خليفة الله" تستلزم التصريف بالأسماء الإلهية، و"خليفة رسول الله" تشمل مقامات العبودية التي تقبل الوراثة، وإلا فلرسول الله صلى الله عليه وسلم مقامات ومنازل في النبوة والإختصاص لا يسعها أحد.

ولنوضح هذا الأمر نختم بحثنا هذا بالكلام على الخليفة والخلاف أو النزاع فنقول:

إن الخلاف أو (النزاع) موجود في الخلافة بسبب المثلية.

والمثلية هي أنه عند فناء العبد عن أسمائه وصفاته فإنه يصبح كمرآة مصقولة تظهر فيها أسماء الربوبية وصفاتها، ويكون العبد ظاهراً بما ليس له أصلاً فإنه عبدٌ لا يملك شيئاً (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّه) [فاطر/15] بل هو مستخلف في هذه الأسماء والصفات التي ظهر بها كما ورد في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه(فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)- الحديث.

وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المقام (فإن الله خلق آدم على صورته) وفي رواية (على صورة الرحمن)[1] وهذه الصورة المشار إليها هي قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة) فاستخلف آدم في الظهور بحقائق الأسماء والصفات الإلهية وبها سُميَ خليفة، فالخليفة هو الذي يشير دائماً إلى من استخلفه، وهذه الإشارة هي كونه مظهراً لأسماء من استخلفه وصفاته، ومحل لجريان أقداره، وهذا تراه واضحاً في المعجزات الكونية للأنبياء على نبينا وعليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام، فما فعلوا ما فعلوه إلا بالصفات الإلهية مثل فلق البحر وإحياء الموتى وغيرها، وبالرغم من ذلك فإن هذه الخلافة قد ينشأ عنها إختلاف أو اشتباه كما حدث مع سيدنا عيسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، ومحل الإشتباه هنا هو كون بعض الناس قد ينسب هذه الأسماء والصفات إلى العبد وليس إلى الحق، إما جهلاً أو كفراً وعناداً ومن هنا نشأ الخلاف والنزاع الذي هو في الحقيقة يرجع لنزاع الأسماء الإلهية بعضها مع بعض.

إنَّ سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، قد نقل عنه أمران هما حالتيه في القطبانية: الأول ما ذكر عنه، من قوله: إن كثيرا من الرجال، إذا وصلوا إلى القضاء والقدر -أمسكوا، إلا أنا، فإني فتحت لي فيه روزنة، فنازعت أقدار الحق بالحق للحق، والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا للقدر. انتهى.

فهذا النزاع هو نزاع الخلافة: نزاع العبودية المستخلفة للربوبية، ويرجع إلى نزاع الأسماء مع بعضها فيخرج الاسم (الحق) ليحكم بينهما وهو الذي يفصل السموات عن بعضها. وهذا المقام هو قطبانية النوافل، وأما الأمر الثاني ما نقل عنه حين قال: "أراد القادر أن يكذب عبد القادر" فإنه قد رُدَّ فيه إلى قمة العبودية فنال نفحات هذا المقام، وهذا المقام هو قطبانية الفرائض وهو مقام سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه حيث نقل عنه سيدي أحمد بن عطاء الله في لطائف المنن قال: (وأخبرني بعض أصحابنا أن الشيخ أبا الحسن قال يوما: والله أنه لينزل عليّ المدد كله فأرى سريانه في الحوت في الماء والطير في الهواء. فكان الشيخ أمين الدين جبريل حاضرا فقال للشيخ رضي الله عنه: فأنت إذا القطب فقال الشيخ: أنا عبد الله، أنا عبد الله).

ونحن نعتقد أن الإمام المهدي المنتظر رضي الله عنه سيكون له ظهوران: أحدهما بكمال التصريف بالأسماء الإلهية لنعته في بعض روايات الأحاديث بخليفة الله على ما ذكرنا آنفاً، ثم إنه سيكون له ظهوراً آخراً بالعبودية المحضة لأمور وردت في الروايات عنه.

والله ولي التوفيق والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه.


---------------------------------
الهوامش
[1]في صحيح مسلم - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ حَاتِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.

قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم - (ج 8 / ص 440 شاملة): قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَته ) فَهُوَ مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَاب الْإِيمَان بَيَانُ حُكْمهَا وَاضِحًا وَمَبْسُوطًا ، وَأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاء مَنْ يُمْسِك عَنْ تَأْوِيلهَا ، وَيَقُول : نُؤْمِن بِأَنَّهَا حَقٌّ ، وَأَنَّ ظَاهِرهَا غَيْر مُرَاد ، وَلَهَا مَعْنَى يَلِيق بِهَا ، وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور السَّلَف ، وَهُوَ أَحْوَط وَأَسْلَم . وَالثَّانِي أَنَّهَا تُتَأَوَّل عَلَى حَسَب مَا يَلِيق بِتَنْزِيهِ اللَّه تَعَالَى ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء . انتهى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فقير الاسكندرية
Admin
فقير الاسكندرية


عدد الرسائل : 310
تاريخ التسجيل : 02/09/2008

الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة   الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 04, 2008 10:49 am

الله
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله واهب المنن والصلاة والسلام على من أعطى جوامع الكلم وآله وصحبه وذوي الهمم

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...

أما بعد..

فبعد سطرنا للمقالة السابقة، وقع لنا إطلاع على كلام لسيدي صدر الدين القونوي في شرح الفرق بين ما تكلمنا عنه في المقالة من (خليفة رسول الله)، و(خليفة الله)...

ورغم اختلاف ما قاله سيادته عما كنا استنتجناه في مقالتنا إلا أنه وجب إثبات ما قاله سيادته في هذا الموضع ليتم النفع به ولزيادة المعنى ولشرف المنقول عنه وها هو ما قاله سيادته:

قال سيدي صدر الدين القونوي في الفك الهاروني:
"إعلم أن الإمامة المذكورة في هذا الموضع ومثله فإنما تذكر باعتبار انها لقب من ألقاب الخلافة ولها التحكم والتقدم وهي تنقسم من وجه

......................إلى إمامة لا واسطة بينها وبين حضرة الإلوهية
......................وإلى إمامة ثابتة بالواسطة

والخالية عن الواسطة قد تكون مطلقة عامة الحكم في الوجود وقد تكون مقيدة بخلاف الإمامة الثابتة بالواسطة فإنها لا تكون إلا مقيدة ،
فالتعبير عن الإمامة الخالية من الواسطة مثل قوله تعالى للخليل عليه السلام { إني جاعلك للناس إماما}
والتي بالواسطة مثل استخلاف موسى عليه السلام هارون عليه السلام على قومه حين قال له أخلفني في قومي واصلح )
ومثل ما لو قيل في حق أبي بكر انه خليفة رسول الله وهذا بخلاف خلافة المهدي عليه السلام ، فإن رسول الله لم يضف خلافته إليه بل سماه خليفة الله وقال صلى الله عليه و سلم :" إذا رأيتم الرايات السود تقبل من أرض خراسان فآتوها ولو جثواً فإن فيها خليفة الله مهديين"
ثم قال :" يملأ الأرض عدلاً وقسطا كما ملئت جوراً وظلما "

فأخبر بعموم خلافته وحكمه وانه خليفة الله بدون واسطة فافهم..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخليفة الظاهر بحقائق الأسماء والصفات - التصريف والعبودية المحضة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كنوز الاسماء والصفات الربانية
» مختصر الأمير عبد القادر الجزائري والخلافة: بين الظاهر والباطن
» البحث الكامل : الأمير عبد القادر الجزائري والخلافة: بين الظاهر والباطن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أحباب فضيلة الشيخ رزق السيد عبده :: العلوم القرآنية والتجليات الفرقانية-
انتقل الى: