منتدى أحباب فضيلة الشيخ رزق السيد عبده
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى أحباب فضيلة الشيخ رزق السيد عبده

( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى )
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  أحباب الشيخ رزقأحباب الشيخ رزق  

 

 وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
يا فقيه




عدد الرسائل : 26
تاريخ التسجيل : 05/11/2008

وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا Empty
مُساهمةموضوع: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا   وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا I_icon_minitimeالأحد فبراير 03, 2013 6:33 pm

.
الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أو أراد، والصلاة والسلام على خاتم الرسل وخير العباد وعلى آله وصحبه صلاة مستمرة إلى يوم التناد.
أما بعد..
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
ثم أما بعد..
آية وحديثان..
أحببنا أن نتجول معكم في معانيهما ونتدبر ونتأمل حتى نتدارك ما فات منا.
يقول الله تعالى:
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [الفرقان: 62]
وفي صحيح مسلم عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ".
وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"
هذه الآية وهذان الحديثان أصول هامة في كثير من الأمور التي يغفل عنها الكثيرون من المسلمين والسائرين إلى الله وفيها رد على بعض الناس في هذا الزمان الذين ينكرون على من يتخذ حزباً أو وردٍ من صلاة أو تلاوة أو ذكر.
قال ابن بطال في شرحه للبخاري في شرح الحديث الأخير: "هذا يدل أن من حبسه العذر عن أعمال البر مع نيته فيها أنه يكتب له أجر العامل فيها، كما قال - - صلى الله عليه وسلم - - فيمن غلبه النوم عن صلاة الليل أنه يكتب له أجر صلاته" انتهى.
وقال القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري أثناء شرحه للحديث الأخير المذكور عاليه: (إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلاّ كانوا معكم) بالقلوب والنيّات (قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر) عن الغزو معكم، فالمعية والصحبة الحقيقة وإنما هي بالسير بالروح لا بمجرد البدن ونية المؤمن خير من عمله، فتأمل هؤلاء كيف بلغت بهم نيتهم مبلغ أولئك العاملين بأبدانهم وهم على فرشهم في بيوتهم، فالمسابقة إلى الله تعالى وإلى الدرجات العوالي بالنيات والهِمم لا بمجرد الأعمال. انتهى.

وفي تحفة الأحوذي قال: كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا : مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى اِسْتِحْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الأَوْرَادِ وَأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى . انتهى
وقال في موضع آخر: قَالَ الْعِرَاقِيُّ : وَهَلْ الْمُرَادُ بِهِ صَلاةُ اللَّيْلِ أَوْ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي صَلاةٍ أَوْ غَيْرِ صَلاةٍ ، يَحْتَمِلُ كُلا مِنْ الْأَمْرَيْنِ اِنْتَهَى
( أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ حِزْبِهِ يَعْنِي عَنْ بَعْضِ وِرْدِهِ
إلى أن قال: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اِتِّخَاذِ وِرْدٍ فِي اللَّيْلِ وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ إِذَا فَاتَ لِنَوْمٍ أَوْ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلاةِ الظُّهْرِ كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ . وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا مَنَعَهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً .
وفي شرح سنن النسائي - حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ :
قَوْله ( مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبه )
أَيْ مَنْ نَامَ فِي اللَّيْل عَنْ وِرْدِهِ الْحِزْبُ بِكَسْرِ الْحَاء الْمُهْمَلَة وَسُكُون الزَّاي الْمُعْجَمَة الْوِرْدُ وَهُوَ مَا يَجْعَلُ الْإِنْسَانُ وَظِيفَةً لَهُ مِنْ صَلاةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَالْحَمْل عَلَى اللَّيْل بِقَرِينَةِ النَّوْم وَيَشْهَد لَهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْله مَا بَيْن صَلاة الْفَجْر وَصَلَاة الظُّهْر ثُمَّ الظَّاهِر أَنَّهُ تَحْرِيض عَلَى الْمُبَادَرَة وَيَحْتَمِل أَنَّ فَضْلَ الْأَدَاءِ مَعَ الْمُضَاعَفَة مَشْرُوطٌ بِخُصُوصِ الْوَقْت وَفِي الْحَدِيث دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّوَافِلَ تُقْضَى وَقَالَ السُّيُوطِي الْحِزْب هُوَ الْجُزْء مِنْ الْقُرْآن يُصَلَّى بِهِ
وَقَوْله ( كَتَبَ لَهُ إِلَخْ ) تَفَضُّلٌ مِنْ اللَّه تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَة إِنَّمَا تَحْصُل لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْم أَوْ عُذْر مَنَعَهُ مِنْ الْقِيَام مَعَ أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِيَام وَظَاهِره أَنَّ لَهُ أَجْرَهُ مُكَمَّلا مُضَاعَفًا لِحُسْنِ نِيَّتِهِ وَصِدْقِ تَلَهُّفِهِ وَتَأَسُّفِهِ وَهُوَ قَوْل بَعْض شُيُوخنَا وَقَالَ بَعْضهمْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون غَيْرَ مُضَاعَفٍ إِذْ الَّتِي يُصَلِّيهَا أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ وَالظَّاهِر الأَوَّل قُلْت بَلْ هُوَ الْمُتَعَيَّن وَإِلا فَأَصْلُ الْأَجْرِ يُكْتَسَبُ بِالنِّيَّةِ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ . انتهى
وكذا في حَاشِيَةُ السِّيُوطِيِّ : قَوْله ( مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبه )
عَنْ الْجُزْء مِنْ الْقُرْآن يُصَلِّي بِهِ ( فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْن صَلَاة الْفَجْر وَصَلَاة الظُّهْر كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْل ) قَالَ الْقُرْطُبِيّ هَذَا الْفَضْل مِنْ اللَّه تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَة إِنَّمَا تَحْصُل لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْم أَوْ عُذْر مَنَعَهُ مِنْ الْقِيَام مَعَ أَنَّ نِيَّته الْقِيَام قَالَ وَظَاهِره أَنَّ لَهُ أَجْره مُكَمَّلا مُضَاعَفًا وَذَلِكَ لِحُسْنِ نِيَّته وَصِدْق تَلَهُّفه وَتَأَسُّفه وَهُوَ قَوْل بَعْض شُيُوخنَا وَقَالَ بَعْضهمْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون غَيْر مُضَاعَف إِذْ الَّتِي يُصَلِّيهَا أَكْمَل وَأَفْضَل وَالظَّاهِر الأَوَّل . انتهى.
وفي تطريز رياض الصالحين في حديث عمر قال:
في هذا الحديث: دليل على أنَّ كل وَرْدٍ من قول أو فعل، يفوت الإنسان أنه يثبت له أجره إذا قضاه كاملا.
وفي تحفة الأحوذي (باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من اللَّيْلِ فَقَضَاهُ بِالنَّهَارِ)
قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْحِزْبُ مَا يَجْعَلُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قراءة أو صلاة كالورد انتهى
وفي عون المعبود:
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اتِّخَاذِ وِرْدٍ فِي اللَّيْلِ وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ إِذَا فَاتَ لِنَوْمٍ أَوْ عُذْرٍ مِنَ الْأَعْذَارِ وَأَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ
وَفِي اسْتِحْبَابِ قَضَاءِ التَّهَجُّدِ إِذَا فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ
وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أصحاب الشافعي قضاءه
إنما يستحبوا قَضَاءَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ (كَتَبَ لَهُ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ نِيَّتَهُ الْقِيَامُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وابن ماجه

وفي تفسير ابن كثير: قال أبو داود الطيالسي: حدثنا أبو حُرّة عن الحسن: أن عمر بن الخطاب أطال صلاة الضحى، فقيل له: صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه؟ فقال: إنه بقي علي من وردي شيء، فأحببت أن أتمه -أو قال: أقضيه -وتلا هذه الآية: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً [لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا] }.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس [قوله: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً } ] يقول: من فاته شيء من الليل أن يعمله، أدركه بالنهار، أو من النهار أدركه بالليل. وكذا قال عكرمة، وسعيد بن جبير. والحسن.
وقال مجاهد، وقتادة: { خِلْفَة } أي: مختلفين، هذا بسواده، وهذا بضيائه. انتهى. وفي تفسير ابن كثير أيضاً: ثم أخبر أنه لو جعل النهار سرمدًا دائمًا مستمرًّا إلى يوم القيامة، لأضرَّ ذلك بهم، ولتعبت الأبدان وكلَّت من كثرة الحركات والأشغال؛ ولهذا قال: { مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } أي: تستريحون من حركاتكم وأشغالكم . { أَفَلا تُبْصِرُونَ . وَمِنْ رَحْمَتِهِ } أي: بكم { جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } أي: خلق هذا وهذا { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } أي: في الليل ، { وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ } أي: في النهار بالأسفار والترحال، والحركات والأشغال، وهذا من باب اللف والنشر. وقوله: { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: تشكرون الله بأنواع العبادات في الليل والنهار، ومن فاته شيء بالليل استدركه بالنهار، أو بالنهار استدركه بالليل، كما قال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } [ الفرقان : 62 ]. والآيات في هذا كثيرة.

وفي تفسير القرطبي:
قوله تعالى: وهو الذى جعل اليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا (62) فيه أربع مسائل: الاولى - قوله تعالى: " خلفة " قال أبو عبيدة: الخلفة كل شئ بعد شئ.
وكل واحد من الليل والنهار يخلف صاحبه.
ويقال للمبطون: أصابته خلفة، أي قيام وقعود يخلف هذا ذاك.
ومنه خلفه النبات، وهو ورق يخرج بعد الورق الاول في الصيف.
ومن هذا المعنى قول زهير بن أبى سلمى: بها العين والآرام يمشين خلفة * * وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم.
وفي تفسير القرطبي :
(لمن أراد أن يذكر) أي يتذكر، فيعلم أن الله لم يجعله كذلك عبثا فيعتبر في مصنوعات الله، ويشكر الله تعالى على نعمه عليه في العقل والفكر والفهم.
وقال عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن: معناه من فاته شئ من الخير بالليل أدركه بالنهار، ومن فاته بالنهار أدركه بالليل.
وفي الصحيح: " ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فغلبه عليها نوم فيصلى ما بين طلوع الشمس إلى صلاة الظهر إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة ".
وروى مسلم عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن حزبه أو عن شئ منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ". انتهى.

وفي تفسير الرازي:
وأما الخلفة ففيها قولان : الأول : أنها عبارة عن كون الشيئين بحيث أحدهما يخلف الآخر ويأتي خلفه ، يقال بفلان خلفة واختلاف ، إذا اختلف كثيراً إلى متبرزه ، والمعنى جعلهما ذوي خلفة أي ذوي عقبة يعقب هذا ذاك وذاك هذا . قال ابن عباس رضي الله عنهما جعل كل واحد منهما يخلف صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه فمن فرط في عمل في أحدهما قضاه في الآخر ، قال أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وقد فاتته قراءة القرآن بالليل : « يا ابن الخطاب لقد أنزل الله فيك آية وتلا : { وَهُوَ الذى جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ } ما فاتك من النوافل بالليل فاقضه في نهارك ، وما فاتك من النهار فاقضه في ليلك » القول الثاني : وهو قول مجاهد وقتادة والكسائي يقال لكل شيئين اختلفا هما خلفان فقوله { خِلْفَةً } أي مختلفين وهذا أسود وهذا أبيض وهذا طويل وهذا قصير ، والقول الأول أقرب . انتهى.
وفي بحر العلوم للسمرقندي: وعن الحسن أنه قال : النهار خلف من الليل ، لمن أراد أن يعمل بالليل ، فيفوته ، فيقضي ، فإذا فاته بالنهار يقضي بالليل. انتهى.
تفسير حقي (16/ 205، بترقيم الشاملة آليا)
في قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا} [المزمل: 7] أي تقلبا وتصرفاً فى مهماتك كتردد السابح فى الماء واشتغالاً بشواغلك فلا تستطيع ان تتفرغ للعبادة فعليك بها فى الليل وهذا بيان للداعى الخارجى الى قيام الليل بعد بيان ما فى نفسه من الداعى ... إلى أن قال:
وفى بعض التفاسير قيل السباحة لما فيه من التقلب باليد والرجل فى الماء وقيل معنى الآية ان فانك من الليل شئ فلك فى النهار فراغ تقدر على تداركه فيه حتى لا ينقص شئ من حظك من المناجاة لربك ويناسبه قوله عليه السلام من نام عن حزبه او عن شئ منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ومن اقوال المشايخ: إن المريد الصادق إذا فاته ورد من أوراده يليق به ان يقضيه ولو بعد شهر حتى لا تتعود النفس بالكسل فالورد من الشؤون الواردة عن الرسول عليه السلام وأخيار أمته ومن لا ورد له لا وارد له، أى وارد خاص بالخواص وفى قوت القلوب من فاته ورد من الأوراد استحب له فعل مثله متى ذكره لا على وجه القضاء لأنه لا تقضى الا الفرآئض ولكن على سبيل التدارك ورياضة النفس بذلك ليأخذ العزآئم كيلا يعتاد الرخص.
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8)
{ واذكر اسم ربك } ودم على ذكره تعالى ليلا ونهارا على اى وجه كان من تسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وقرآءة قرءآن ودراسة علم خصوصا بعد صلاة الغداة وقيل غروب الشمس فانهما من ساعات الفتح والفيض وذكر الله على الدوام من وظائف المقربين سوآء كان قلبا او لسانا او اركانا وسآء كان قياما او قعودا او على الجنوب. انتهى.
وفي البحر المديد:
{ وهو الذي جعل الليلَ والنهارَ خِلْفةً } أي : ذو خلفة؛ يخلف كل واحد منهما الآخر ، بأن يقوم مقامه ، فيما ينبغي أن يعمل فيه ، فمن فاته عمله في أحدهما قضاه في الآخر . قال قتادة : فأروا الله تعالى من أعمالكم خيراً في هذا الليل والنهار ، فإنهما مطيتان تقحمان الناس إلى آجالهم ، تقربان كل بعيد ، وتبليان كل جديد ، وتجيئان بكل موعود .
وقال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : فاتتني الصلاةُ الليلةَ ، فقال : أدرِكْ ما فاتك من ليلتك في نهارك ، فإن الله تعالى جعل الليل والنهار خلفة { لمن أراد أن يذَّكَّر } . ه . أي : يتذكر آلاء الله - عز وجل - ، ويتفكر في بدائع صنعه فيعلم أنه لا بد له من صانع حكيم . وقرأ حمزة وخلف : « يَذْكُرَ » أي : يذكر الله في قضاء ما فاته في أحدهما ، { أو أراد شكوراً } أي : شكر نعمة ربه عليه فيهما ، فيجتهد في عمارتهما بالطاعة؛ شكراً . وبالله التوفيق .
وبعد ان استكمل ابن عجيبة الكلام على العبارة قال: الإشارة : تبارك الذي جعل في سماء القلوب أو الأرواح بروجاً؛ منازل ينزلها السائر ، ثم يرحل عنها ، وهي مقامات اليقين؛ كالخوف ، والرجاء ، والورع ، والزهد ، والصبر ، والشكر ، والرضا ، والتسليم ، والمحبة ، والمراقبة ، والمشاهدة ، والمعاينة . وجعل فيها سراجاً ، أي : شمس العرفان لأهل الإحسان ، وقمراً منيراً ، وهو توحيد البرهان لأهل الإيمان . وهو الذي جعل ليل القبض ونهار البسط خِلْفةً ، يخلف أحدهما الآخر ، لمن أراد أن يذكر في ليل القبض ، ويشكر في نهار البسط . والله تعالى أعلم .
وفي حقائق التفسير للسلمى:
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذى جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الآية:].
قال بعضهم: خليفة يخلف أحدهما صاحبه لمن أراد خدمة ربه وعبادته. انتهى

وفي الأذكار للإمام النووي رحمه الله قال: فصل : ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار ، أو عقب صلاة أو حالة من الأحوال ففاتته أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها ، فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت ، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها.
وقد ثبت في (صحيح مسلم) ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من نام عن حزبه أو عن شئ منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل). انتهى.

وكلام إمامنا النووي رحمه الله حسن ختام لما نقلناه من كلام ولنتوجه معاً إلى الملك العلام فنقول:
اللهم إنا نسألك أن تعيننا على تدارك ما فاتنا، وأن تعفو عنا وتغفر لنا وترحمنا، ولا حول ولا قوة إلا بك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فراج يعقوب




عدد الرسائل : 44
تاريخ التسجيل : 25/11/2008

وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا Empty
مُساهمةموضوع: رد: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا   وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا I_icon_minitimeالسبت فبراير 16, 2013 3:45 pm

اللهم إنا نسألك أن تعيننا على تدارك ما فاتنا، وأن تعفو عنا وتغفر لنا وترحمنا، ولا حول ولا قوة إلا بك.
بجاه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حزب الدور الأعلى المسمى بحزب الوقايه لمن أراد الولايه
» lهمسات في هزيع الليل ونجوىسلطان العاشقين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أحباب فضيلة الشيخ رزق السيد عبده :: العلوم القرآنية والتجليات الفرقانية-
انتقل الى: