فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: التصوف كي ينكشف الجوهر - كتاب رائع الأربعاء أبريل 22, 2009 5:20 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الباقي الباسط البديع والصلاة والسلام على سيدنا محمد الشفيع وآله وصحبه وسلم. أما بعد... إخوتي في الله.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
ونقدم لكم على حلقات متفرقات كتاب شيخنا الأستاذ رزق السيد عبده وهو قد سبق نشره من عشرات السنين ونفذت طبعته وقد تحركت فينا الرغبة في نشره في المنتدى إلا أنه يحتاج لمراجعة على النسخة المطبوعة، ولذلك ننشره على حلقات متفرقات آملين من الله أن يرزقنا الهمة وكمال الأدب لإستكمال هذه التحفة النادرة والله ولي التوفيق...
التصوف كى ينكشف الجوهر " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا " ( رزق السيد عبده )
بسم الله الرحمن الرحيم عزيزى القارئ ..... المفروض أن أكتب مقدمة كما يفعل الكتاب ، ولكننى ترددت وقلت : إذا كانت الأديان مناهج للسلوك الإنسانى ، فهى إذاً لى ولك بل وللجميع ما دمنا ملتزمين بأصول العقيدة . فلماذا أكتب المقدمة ؟ ولمن أكتب المقدمة ؟ . ولم لا يشاركنى القارئ فى كتابة المقدمة ، بل ويتفضل مشكورا فيكتب الخاتمة . لذلك تركت لك يا سيدى كتابة المقدمة والخاتمة ولى رجاء ، وأعرف إننى أخاطب كرماء ، والكريم لا يرد رجاء . أرجوك أن تصبر على قراءة كل ما كتبت ، وأن تتخلص أولا من أى اتجاه للتصوف أو عليه ، ثم اصدر حكمك ، فإن وجدت نقصا فاستكمله، وإن وجدت حسنا فأضف عليه حسنات . واعلم أن ما كتتبته ما هو إلا مدخل لمناقشة أمور التصوف ، ونافذة يطل منها كل من يريد أن يناقش المناهج الإنسانية ، وإبراز نقاط تستحق البحث من الباحثين . والله لى التوفيق ، رزق السيد عبده
المدخل تسألنى يا صاحبى لماذا يكثر الجدل بين مؤيدى التصوف ومعارضيه من المسلمين ... ؟ ويتصدر هذا الجدال الآئمة والعلماء . الأمر الذى يظهر الدين الإسلامى الحنيف بمظهر المتناقض فى أحكامه ..... حقيقة يا صاحبى أنه لمن المؤسف أن ينساق المسلمون فى هذا الجدل منذ زمن بعيد بنفس الأسلوب . تغير الكون حولنا وأصبح كل شئ فى الكون يخضع للاستكشافات العلمية إلا مناقشة الأمور الدينية فهى لا تزال تسير على المنهج الذى ارتضاه لها المستشرقون وقضية تثار عندما يريد أعداء الدين إثارة الخلافات المذهبية بين الأمة . وقد يصل الأمر بمعارضى التصوف أن يحكموا على الصوفية بالكفر . ويرموهم بالضلال دون أن يعرفوا . " إن الكلام إذا احتمل الكفر من تسعة تسعين وجهاً واحتمل الإيمان من وجه واحد وجب حمله على الإيمان " . فى غفلة من علماء الدين استغل المستشرقون هذه الخلافات وركزوا عليها لينفذوا من خلالها إلى مهاجمة الدين والتشكيك فى التواتر والأحكام ليس فى التصوف فقط . ولكن فى كل فرع اختلف عليه العلماء متمسكين فى ذلك بما يرمى به كل فريق سواه بالكفر والالحاد . ورغم وجود أئمة أناروا الطريق للباحثين واشعلوا مصابيح التفتح الفكرى واسلوب البحث العلمى فإن الباحثين يتجاهلون هذا التوجيه الصائب ويتمسكوا بأسلوبهم الداعى إلى الفرقة . إن الإسلام ليس كهنوتاً مغلقاً لا يعرفه ولا يفسره سوى الكهنة ولكنه دين يحترم العقل البشرى ويدعو إلى الاجتهاد ، فالمجتهد فى الإسلام مأجور إذا أخطأ ما دام لم ينكر شيئا من أصول العقيدة والإمام الغزالى يوضح لنا حدود الحكم فيقول : ( اعلم أن شرح ما يكفر وما لا يكفر يستدعى تفصيلات طويلة فاقنع الآن بوصية وقانون : أما الوصية : فهى أن تكف لسانك عن أهل القبلة ما داموا قائلين لا إله إلا الله محمد رسول الله غير مناقضين لها . والمناقضة تحصل بتجويزهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم . أما القانون : فهو أن تعلم أن النظريات قسمان: الأول – يتعلق بأصل العقائد . الثانى – يتعلق بالفروع . وأصول العقيدة ثلاثة : ... الإيمان بالله ... والإيمان برسوله ... والإيمان باليوم الآخر . والفروع – ما عدا ذلك . وأعلم أنه لا تكفير فى الفروع إلا فى مسألة واحدة وهى أن ينكر حكماً عن النبى صلى الله عليه وسلم ثبت بالتواتر القاطع واجتمعت عليه الأمة بسائر طوائفها كإنكار وجوب الصلوات الخمس أو صوم رمضان وكذا لو قال قائل أن البيت الذى بمكة ليس هو الكعبة التى أمر الله الحج إليها فهذا كفر لأنه قد ثبت عند جميع الخلق الذين بلغتهم دعوة النبى صلى الله عليه وسلم خلاف ما يقول هذا المدعى) . كما يوضح سيدى سلامة الراضى مؤسس الطريقة الحامدية الشاذلية وشيخها التنازع حول التصوف فينصح أتباعه بقوله : " وعلى المريد ألا يشتغل بالجدل مع الناس فما أضل اللهُّ قوماً بعد هدى كانوا عليه إلا رزقهم الجدل فترك الجدال والمراء وعدم الانتصار للنفس من شعار أهل طريق الله لاسيما مع أهل العلم الظاهر فإنهم رضى الله عنهم يستحقون الإكرام وجديرون بالاحترام، وما تنازع صوفى وفقيه إلا لنقص فيهما. فلو كان الصوفى له عينان ينظر بإحداهما إلى الشريعة وبالثانية إلى الحقيقة ما أنكر على الفقيه شيئاً لأنه ما أتى إلا بما ورد فى الكتاب والسنة ، والصوفى لا ينكر شيئا منها لذا قالوا : الصوفى يسع غيره وغيره لا يسعه لأن ما عند الصوفى من مشرب القوم لم يكن عند الفقيه وإن كان عنده فقد تلقفه من الكتب ومشرب القوم لا يؤخذ من كتاب . (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) [البقرة/282]" إنَّ النقد أو المعارضة دون تفنيد علمى أصبحا أسلوباً لا يقبله التطور الذى أراده الله لهذا الكون والعقل البشرى لهذا القرن من الزمان والتطور الحتمى للبشرية وللخلق أجمعين . فإن العلماء الطبيعين لم يتوصلوا إلى هذا القدر الهائل من استكشافات العلوم إلا بدراساتهم لكل الظواهر الطبيعية وصولاً إلى معرفة ما يكمن فيها من أسرار. وإذا كانت المادة قد أخذت من هؤلاء العلماء كل هذا البحث الجدى والدراسة لاستنباط أسرارها فتوصلوا لقدراتها، فأولى بمن يتكلمون عن أى نمط من أنماط البشرية أن يدرسوا قدراتها من واقع الظواهر التى تبدوا لهم ليتبينوا ما البشرية ولماذا خلقت وما قدراتها؟ ولما كانت الأديان أو مناهج السلوك الإنسانى تعالج أدب النفس وصولاً إلى منتهى الرقى الروحى لهذا الإنسان الذى توصل لاستكشافات الكون بموجوداته فإن هذه المناهج أولى وأحق بالبحث والدراسة كمناهج بدلا من الاعتراض عليها لما يؤخذ على المدعين والأوباش الذين يتخذون من هذه المناهج ستارا يحمى مجونهم وجنوحهم إلى الفوضى . وليس هذا بدعاً فى الفكر .... أو ابتداعاً للاقناع لكن تمشياً مع روح الدين الحنيف وأول علامة على طريق الإيمان . إن أول ما خوطب به الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق/1-5]. فالعلم والقلم أمانة تحملها الإنسان. وأول العلم ... العلم بأنه سبحانه الخالق ... خلق الإنسان من علق ... توجيه لدراسة الإنسان لنفسه بداية فمن عرف نفسه فقد عرف ربه . والفكر فى آيات تعرض لتلقى علم الله (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق/5]) فكل جديد فى الفكر يأتى بجديد فى العلم إنما هو عطاء من الله سبحانه للإنسان وإظهار لقدرة الله حسب ما هو مقدر لها فى توقيت الظهور . فكل العلوم اكتشاف لموجود لا خلق من العدم. (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [آل عمران/164]) والخلاف على التصوف إنما يرجع إلى التركيز على البشرية كأنما البشرية لها عادات وأحكام ثابتة لا تتغير وهى العادات والأحكام التى عرفها كل منا ولا يجوز أن تخرق هذه العادات أو تغير تلك الأحكام مستغلين فى ذلك ما يقوم به بعض الأوباش المدعين للتصوف من أعمال هى أقرب إلى الشعوذة منها إلى أى شئ آخر . فهل من العلم إنكار التصوف كمنهج من مناهج السلوك الإنسانى استناداً على أفعال الخارجين عليه؟ وهل علم المنكرون أن هذا المنهج إنما يحتوى على علم وعمل وحصيلة العمل تأتى بنتائج يوضحها المتصوفون بأقوالهم؟ أى أن أقوال المتصوفين إنما هى نتيجة لممارسة منهج عملى ظهرت آثاره فى أقوالهم كل حسب حاله . يقول سيدى سلامة الراضى " أول التصوف علم وأوسطه عمل وآخره موهبه " . والعلوم الطبيعية هى اكتشاف لموجود، والخوارق الإنسانية أيضاً اكتشاف لقدرات موجودة فى الإنسان، وليست العلوم الطبيعية ولا الخوارق الإنسانية خلقا ، فالخلق من صفات الله وحده ، وما جميع العلوم والقدرات إلا إعمالا لوظيفة العقل والفكر وإن إنكار أى شئ منها إنما ينسحب على غيرها وليس من العلم إنكار المكتشف وإلا كان أولى بالرفض جميع ما وصل إليه التطور العلمى ، وهو فى ظاهره قدرات للإنسان ولكنها فى الحقيقة إرادة الله فى انكشاف صنعه يعطى علمه فيها لمن يشاء وفى الوقت الذى يريده . (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا [الإسراء/18-20] ) . والعاجلة هى الدنيا، فللدنيا أهلها وعلومها .. وللآخرة أهلها وعلومها، والجميع مستمد لهذه العلوم من الله وهذه العلوم ليست نهاية علم الله ونهاية العلم للإنسان جهل والجهل يؤدى إلى التهلكة . " حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ [يونس/24] " ( ). هذا خطاب لأهل الدنيا الغارقين فى المادة ... أما الباحثون عن أسرار الأرواح فهم أولوا البصائر السائرون إلى معرفة الله . | |
|
فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: رد: التصوف كي ينكشف الجوهر - كتاب رائع الأحد يونيو 05, 2011 11:39 am | |
| . الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله كل يوم هو في شان والصلاة والسلام على حبيب الرحمن وآله وصحبه ما تعاقب الجديدان أما بعد... فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
مضى أكثر من عام على بداية وضع هذا الكتاب العزيز على الإنترنت، ولكن لم يتيسر وقتها إلا مشاركة واحدة، وتمر الأيام وتأتِ الثورة ويحاول أعداؤها إنماء الخلافات بين المسلمين، ويبدأ الناس يتكلمون عن التصوف، ولكن هذا الكنز يظل فى طى الكتمان رغم أنه مطبوع ورقم إيداعه من سنة 1979 م وطبعته نفذت من الأسواق، ولكن عرفه وقتها من عرف وآن الأوان - إن شاء الله تعالى - لكي تظهر هذه الدرة لمن لم يعرفها - ويتم استكمالها على الانترنت. والله نستعين على إتمام المقصود وهو نعم المولى الرحيم الودود يقول مؤلف الكتاب العارف بالله رزق السيد عبده "استكمالاً لما سبق":
وكل من أعطى علماً فإنه مستخلف فى هذا العلم ويسأل عما استخلف فيه " آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد/7] " . والصوفية يرون أن التصوف من أشرف العلوم إذ أنه يبحث فى أصول الوصول إلى الله ، والعلم غريزة من الغرائز البشرية وأشرف العلوم وأقدسها هو العلم عن الله وهو ما يبحث عنه التصوف. إذا كان لابد من أن تثار خلافات حول نمط من أنماط السلوك الإنسانى فيجب أن يكون من أناس لهم صلاحية الحكم على ذلك النمط أى دخلوا تجربته وحققوا غاية المقصود من سلوكه. إن ححة الإسلام الإمام الغزالى بعد أن استوعب جميع الدراسات الإسلامية حتى لقب بحجة الإسلام وبعد أن استوعب جميع المذاهب الفلسفية وقام بتقويض نظريات الفلاسفة من واقع دراسته لمادتهم رأى أن يجرب مذهب الصوفية . والإمام الغزالى إذا أراد الدخول إلى شئ فإنه يعطينا الفكر العلمى للبحث فنراه يقول : " أقبلت بهمتى على طريق الصوفية وعلمت أن طريقهم إنما تتم بعلم وعمل وكان حاصل عملهم قطع عقبات النفس والتنزه عن أخلاقها المذمومة وصفاتها الخبيثة وحتى يتوصل بها إلى تخليه القلب من غير الله تعالى وتحليته بذكر الله وأن العلم أيسر على من العمل فابتدأت فى تحصيل علمهم من مطالعة كتبهم فقرأت لأبى طالب المكى والحارث المحاسبى ومأثورات عن الجنيد والشبلى ولأبى يزيد البسطامى قدس الله أرواحهم وغير ذلك من كلام مشايخهم فظهر لى أن أخص خواصهم ما لا يمكن الوصول إليه بالأقوال بل بالذوق والحال وتبدل الصفات فعلمت انهم أرباب الأحوال لا أصحاب الأقوال" وبعد أن سار الإمام الغزالى على دربهم نراه يقول : " انكشف لى أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن احصاؤها والقدر الذى أذكره ينتفع به أنى علمت أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السير وطريقهم أصوب الطريق وأخلاقهم أزكى الأخلاق بل لو جُمع عقل العقلاء وحكمة الحكماء وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء على أن يغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه لما هو خير منه لم يجدوا إلى ذلك سبيلا فإن جميع حركاتهم وسكناتهم فى ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة " وليس وراء نور مشكاة النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به "" . هذا هو الأسلوب العلمى للوصول إلى حقيقة الشىء . دراسته والسير فيه ثم الحكم عليه . ولقد أوردنا حكم الإمام الغزالى على التصوف فى بداية الحديث لأنه ينطوى على الأسلوب العلمى للبحث والدراسة فبدراسة الإمام الغزالى نستطيع أن نقول أن حكمه يعتبر حكما عليماً للأسباب الآتية : 1- تخرج من مدارس الفقه وأجاد فى المذهب والخلاف والجدل والأصول وهى علوم العصر الذى وجد فيه . 2- له من ماضيه ودراسته واجتهاده حصن يحيمه من الانحراف إلى أى اتجاه لبدعة . 3- يمتاز بالأسلوب العلمى وبالنقد والدراسة وصاحب مبدأ الأصالة فى النقد إذ يقول : " لا يقف على فساد نوع من العلوم من لا يقف على منتهى هذا العلم حتى يساوى أعلمهم فى أصل ذلك العلم بل يزيد عليه ويجاوز درجته فيطلع على ما لم يطلع عليه صاحب العلم من غور وغائله . وبذلك يمكن أن يكون ما يدعي من فساده حقاً ، ولم أر أحداً من علماء الإسلام صرف عنايته وهمته إلى ذلك . 4- استطاع بهذا الفكر المتفتح أن يناقش علوم الفلاسفة من الرياضة والمنطق والطبيعة والعلوم الإلهية والسياسية والخلقية وانتصر فكراً ومنطقا . 5- لم ينشأ الغزالى على التصوف فيتهم بالبعد عن الأصول الفقهية والمذهب بل ولم ينح ناحية التصوف إلا بعد أن تمرس الدخول فى المناهج الأخرى كالبطنية والفلسفة فهو بعيد عن الشك فى مقصده وأمانته العلمية خاصة وقد اعترف بالصحيح مما وجده أثناء نقده للمذاهب المختلفة . ولما كان التصوف علما يبحث فى تدريب الادراكات البشرية للتلقى عن الله "عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق : 5] و"من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يكن يعلم". فإنه بذلك يكون من أشرف العلوم وأحقها بالدراسة العلمية والبحث الجدى . إننا نواجه غزواً فكرياً يُدار بذكاء ويقع فى شباكه كل محب للظهور مستعرض لمعلوماته التى اكتسبها من بواطن الكتب وهو فى الحقيقة يردد كلام غيره ولم يكلف نفسه مشقة تجربة الأعمال فاكتفى بترديد الأقوال . يقول سيدى سلامة الراضى : "الكتب عيون نبعث من أرض قلوب السالكين بعد المجاهدة، ومطالعتها هى الشرب من تلك العيون، فلا تزال تطالع الكتب وتشرب من عيون الغير ولا عين لك نابعة، فعليك بالمجاهدة حتى تنبع لك فى قلبك عين تشرب منها وتغنيك عن كثير من العيون " . وعلى كل فالمستفيد من ظهور الجدل بين المسلمين هم أعداء الدين . وهم العاملون على اختلاق المتناقضات .
"وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" [الأنفال : 46] | |
|
فراج يعقوب
عدد الرسائل : 44 تاريخ التسجيل : 25/11/2008
| موضوع: رد: التصوف كي ينكشف الجوهر - كتاب رائع الجمعة ديسمبر 14, 2012 3:53 am | |
| جزاك الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم | |
|