فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: ما هو معنى الأمة؟ أرجو المشاركة الثلاثاء يوليو 21, 2009 11:21 am | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله اليه المنتهى، والصلاة والسلام على من قال أنا لها، وآله وصحبه وكل من تحقق بحديث (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) أما بعد... إخوتي الأحباء أهل الأمة الإسلامية سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ثم أما بعد... سأل أخ لي في الله: سؤال: هل هناك نقطة تلتقي فيها جميع المذاهب والفرق الإسلامية؟ وما هو معنى الأمة؟ وهذا السؤال يستدعي منا بحثاً بل بحوثاُ ولكن لنبدأ بما تيسر والله يوفق إخواننا في الله إلى ما لم نستوفه فيستوفونه وهو نعم المولى ونعم النصير. الأمر الأول هو مادة (أمة) اللغوية إذ اللسان العربي هو مفتاح الفهم بل مفتاح الوجود. ستجرنا كلمة (الأمة) إلى معانٍ، فمنها مادة (أمَّ، وأمم)، والثاني ستجرنا إلى الكلام على الأم، وأم الكتاب وأم القرى، ثم الكلام على الإمام وعلاقة الإمام بالأمة والعكس، ثم الكلام على أمية الأمة والفطرة، ثم الكلام عن تجديد الأمة ونختم بمقومات تجديد الأمة.
أولاً: مادة (أمَّ) في اللسان العربي: ولنبدأ بأصل الكلمة: ففي معجم مقاييس اللغة لابن فارس - (أمّ) وأمّا الهمزة والميم فأصلٌ ؤواحدٌ، يتفرّع منه أربع أبواب، وهي الأصل، والمرجِع، والجماعة، والدِّين، وهذه الأربعة متقاربة، وبعد ذلك أصولٌ ثلاثة، وهي القامة، والحين، والقَصْد. انتهى ويتفرع من هذا المعنى أمور منها: أن الإسلام هو أصل الأمة الإسلامية، بل هو أصل جميع الأديان: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران : 19]) وهو جامعها وخاتمها، وختميته تقتضي جمعيته، وإليه تنتسب الأمة فهو أصلها ومرجعها ودينها وقامتها وقصدها. قال في تاج العروس: وقال الليث تفسير الأم في كل معانيها أمة لان تأسيسه من حرفين صحيحين والهاء فيها أصلية ولكن العرب حذفت تلك الهاء إذ أمنوا اللبس ويقول بعضهم في تصغير أم أميمة والصواب أميهة ترد إلى أصل تأسيسها ومن قال أميمة صغرها على لفظها. انتهى قال الخليل: كلُّ شيءٍ يُضّمُّ إليه ما سواه مما يليه فإنّ العربَ تسمّي ذلك الشيءَ أُمّاً. انتهى. والأمة هي أساس الأم، وهي أم المسلمين، فهي تضمهم، ووجب علينا برها، وهذا البر يتطلب أموراً منها نصرتها، وإزالة ما التبس بها من شوائب طمست معالمها، وتصحيح النسبة إليها. وفي معجم مقاييس اللغة لابن فارس: قال الخليل: الأمَّة: الدِّين، قال الله تعالى: {إنّا وَجَدْنا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف 22]. وحكى أبو زيدٍ: لا أمَّة له، أي لا دينَ له. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زيد بن عمرو بن نُفَيْل: "يُبْعَثُ أمَّةً وحْدَهُ".وكذلك كلُّ مَنْ كان على دينٍ حقٍّ مخالفٍ لسائر الأديان فهو أمَّة. وكلُّ قوم نُسبوا إلى شيءٍ وأُضيفوا إليه فهم أمَّة، وكلُّ جيل من النّاس أمّةٌ على حِدَة. انتهى ثانياً: الأمة والإمامة وقال ابن فارس أيضا: وقيل: {إنَّ إبراهيمَ كانَ أُمَّةً} [النحل 120]، أي إماماً يُهتدَى به، وهو سبب الاجتماع. وقد تكون الأمَّة جماعة العلماء، كقوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيرِ}. انتهى. وهذا الأمر يجرنا إلى أمر هام وهو علاقة الأمة بالإمام، فإن مادة الفعل واحدة فيهما، وكما نقلنا أعلاه وقيل: {إنَّ إبراهيمَ كانَ أُمَّةً} [النحل 120]، أي إماماً يُهتدَى به، وهو سبب الاجتماع. يقول الإمام القشيري: " الإمام : هو مقدم القوم ، واستحقاق رتبة الإمامة باستجماع الخصال المحمودة التي في الأمة فيه ، فمن لم تتجمع فيه متفرقات الخصال المحمودة لم يستحق منزلة الإمامة " فالإمام سبب اجتماع الأمة، فإذا افتقدت الأمة إمامها، فماذا تفعل؟ • فلنكن كلنا أئمة، لا من حيث الإمامة العظمى، ولا من حيث معناها عند بعض الفرق والمذاهب، ولكن من حيث معناها الأعم من حيث ورد عنه صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) قال الشيخ الأكبر: "... (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) ، فعمت الإمامة جميع الخلق ، فحصل لكل شخص منهم مرتبة الإمامة ... ويتصرف بقدر ما ملكه الله من التصرف فيه ". ويقول أيضا: " ما من إنسان إلا وهو مخلوق على الصورة ، ولهذا عمت الإمامة جميع الأناسي ، والحكم في الكل واحد من حيث ما هو إمام ، والملك يتسع ويضيق ...". انتهى. قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) [الفرقان : 74]، يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري : " أيما عبد قام بشيء مما أمره الله به من أمر دينه ، فعمل به وتمسك به ، فاجتنب مانهى الله تعالى عنه عند فساد الأمور ، وعند تشويش الزمان ، واختلاف الناس في الرأي والتفريق: إلا جعله الله إماماً يقتدى به ، هادياً مهدياً ، قد أقام الدين في زمانه ، وأقام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو الغريب في زمانه ". ويقول الشيخ ابو الحسن الشاذلي : " خصلتان إذا فعلهما العبد صار عن قريب إماماً يقتدي به الناس ، وهما : الإعراض عن الدنيا، واحتمال الأذى من الإخوان مع الإيثار " • وكما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) – فانظر رحمك الله إلى لفظة: "من يجدد" واعلم أن "من" هنا تنطبق على الواحد وتنطبق على الجمع، فلم لا يكون لنا جميعاً شرف تجديد الدين، والتجديد لغة هو العودة إلى الأصل أو هو ظهور الأصل في الفرع، فالجد هو أصل ابن الابن. • أتى الكتاب بمعنى الإمام وأحياناً الإمام المبين، فالقرآن أصل من الأصول الذي يجب أن يرجع إليه عند افتقاد الإمام، بل وعند وجوده. قال تعالى: ((وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) [الأحقاف : 12]). • وإن كانت أكثر طوائف الأمة على ظهور المهدي المنتظر كإمام عدل، وكل طائفة تتوقع أن يكون منها، فإن من أخص خصائص الإمام المهدي – الهداية – يصلحه الله في ليلة – فهل التمسنا من الله الإصلاح لنا وللأمة حتى نكون أهلاً لظهوره إن كان الأمر قد اقترب، أو نحفظ كيان الأمة ونرأب صدعها إن لم يكن الأوان قد اقترب. • كما ورد عن كثير من الصالحين أن القلب "أمة" وقال غيرهم "إمام" فهلا قدمنا إمام القلب على النفس والجوارح ليؤمها بدلاً من أن تتقدم النفس أو الهوى للإمامة فتهلك صاحبها. يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه: " إن الله الذي جعلني إماماً لخلقه ، فرض عليّ التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي ومسكني كضعفاء الناس ؛ لأن الله أخذ على أئمة الهدى أن يكونوا في مثل أدنى أحوال الناس ليقتدي بهم الغني ولا يزري الفقير فقره … والإمام العادل كالقلب بين الجوارح ، تصلح الجوارح بصلاحه ، وتفسد بفساده "انتهى. ويقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري: "الإمام العادل : هو القلب". • إن الإمامة أمانة، وعند فقد الأمانة وتضييعها تُنتظر الساعة، فهلا إخوتي أحيينا الأمانة؟ • يقول الشيخ علي الخواص : " لا بد لأهل الله تعالى من عدو يؤذيهم ، فإن صبروا كانت لهم الإمامة وإلا خرجوا نحاساً ، ودليلنا قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدونَ بِأَمْرِنا لَمّا صَبَروا). فما بلغوا مقام الإمامة إلا بعد مبالغتهم في الصبر ، وتحمل الأذى ".
ثالثاً: الأمة والأمية: ويرد علينا في مادة (أمَّ) الأمية، والأمة الاسلامية أمة أمية قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الجمعة : 2]، وفي الصحيحين عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ)- الحديث. قال الإمام النووي في شرحه على مسلم - قَالَ الْعُلَمَاء : ( أُمِّيَّة ) بَاقُونَ عَلَى مَا وَلَدَتْنَا عَلَيْهِ الْأُمَّهَات. انتهى. وفي عون المعبود - وَقَالَ الْعَيْنِيّ : قِيلَ مَعْنَاهُ بَاقُونَ عَلَى مَا وَلَدَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّهَات . وَقَالَ الدَّاوُدِيّ : أُمَّة أُمِّيَّة لَمْ تَأْخُذ عَنْ كُتُب الْأُمَم قَبْلهَا إِنَّمَا أَخَذْت عَمَّا جَاءَهُ الْوَحْي مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ اِنْتَهَى. قلنا: والأمية هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ" متفق عليه، فلنعد معاً إلى الفطرة، فقد ظهر في هذا الزمان تبديل الفطرة، وتغييرها، وطمس معالمها باسم العولمة، أو التقدم أو غيرها، فلتكن دعوتنا للعودة إلى فطرتنا التي فطرت الأمة عليها.
رابعاً: صفات الأمة الواردة في القرآن: ثم يرد علينا صفات أصيلة في الأمة يجب أن نتحراها فمنها: 1- التسليم لله تعالى وعدم المنازعة له قال تعالى حاكياً عن سيدنا إبراهيم الخليل وهو يدعوه: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة : 128] 2- عند وجود اختلاف بين بعض طوائف الأمة فيما مضى في أمور مضت، علينا جميعاً الرجوع إلى قوله تعالى المكرر في آياتين: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [البقرة : 134] وكذلك [البقرة : 141] لنتجنب الخلاف والاختلاف المصدعين لبناء الأمة. ولا يؤذي بعضنا بعضاً فيمن نحب. وهذا كلام الله تعالى إن غضضنا الطرف عن اختلاف التأويل يقول: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ [هود : 73]) ويقول: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب : 33] وفي الوقت ذاته يقول: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)) [الحشر : 8 - 10]، فلنكن جميعاً متصفين بالآية الأخيرة داعين الله بها قائلين: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ). 3- الوسطية التي هي صفة أساسية في الأمة قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة : 143]، والوسطية تنفي التطرف وتطلب الاعتدال فلا تفريط ولا إفراط. 4- الصفات التي استحققت بها الأمة الخيرية في قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران : 110]. وللموضوع بقية وصلى الله على خير البرية وآله وصحبه صلاةً زكية، والحمد لله على كل عطية.
| |
|
فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: رد: ما هو معنى الأمة؟ أرجو المشاركة الثلاثاء يوليو 21, 2009 11:25 am | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله واهب النعم والصلاة والسلام على مَن أمتُهُ خيرُ الأمم، وآله وصحبه وسلم. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.. أما بعد... فنستأنف معاً ما ابتدأناه والله الموفق. خامساً: الأمة، والحب: من أهم مقومات الأمة الحب فيما بينها، ولنا في ذلك تجربة نحب أن نثبتها هنا، فإني أعرف بيتٍ اختلف فيه الأب والابنين إلى ثلاث طوائف، كل منهم له اتجاهٌ قد أسس عليه سيره، فواحدٌ منهم متصوف والآخر سلفي وهابي والثالث يميل إلى بعض الأفكار المعاصرة مما غلبت على بعض المثقفين فتأثروا بها دون أن يؤثر ذلك في إقامتهم لشعائر الدين. إن هذا الإختلاف، بل الخلاف قد أثر فيهم أثراً شديداً في الابتداء، إلا أن كل منهم كان يتميز بأمرٍ في مذهبه، وهو الاعتدال، وبالرغم من الهوة السحيقة بين هذه المذاهب إلا أن الثلاثة قد انتهوا إلى التمسك فيما بينهم بالقدر المشترك المجمع عليه بينهم، مع تجنب الجدال في نقاط الخلاف حفاظاً على الأسرة، وكل منهم يرجو للكل حسن الخاتمة ويدعو للكل طالبين من الله أن يهديهم جميعاً لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يريهم الحق حقاً فيتبعوه والباطل باطلاً فيجتنبوه، والفقير أرى أن الذي جمعهم على الإختلاف الشديد بين مذاهبهم هو أمور ثلاث: أولها الحب، فلولا الحب بينهم لصلة النسب بينهم ما وصلوا إلى هذا الاتفاق، وكذلك الأمة بين أفرادها نسب إذ الدين هو النسب، وعليه يجب أن يوجد بينهم قدر من الحب لهذا النسب ثم يكرهون ما عليه الآخرون من تلبس بخلاف الحق عند مذهبهم حتى يجعل الله لهم مخرجاً. والأمر الثاني هو الشريعة، فثلاثتهم على اختلاف مذاهبهم متمسكون بشرع الله يقيمون الصلاة والعبادات، ويذكرون الله، والأمر الثالث هو الاعتدال – حتى ولو كان الاعتدال النسبي، وهذا الاعتدال هو مفتاح للخير قال صلى الله عليه وسلم: (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما).
سادساً: الأمة والأمي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)) [الأعراف : 156 - 159] وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الجمعة : 2] وفي حديث الشفاعة في البخاري ومسلم واللفظ له، عن سيدنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ اشْفَعْ لِذُرِّيَّتِكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ خَلِيلُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيُؤْتَى مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيُؤتَى عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُوتَى فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي فَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ الْآنَ يُلْهِمُنِيهِ اللَّهُ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ بُرَّةٍ أَوْ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ لِي يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيُقَالُ لِي انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ" ويكفي في هذا الحديث ياء النسبة عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمتي أمتي"، فيا من تشرفتم بهذه الياء، هل صححتم النسبة وحققتموها،فإنما نحن أكرم الأمم به صلى الله عليه وسلم، ومحبته صلى الله عليه وسلم مفتاح كمال الإيمان، فالإجتماع على محبته صلى الله عليه وسلم جمع للأمة، فكما كان البيت الحرام قبلة الصلاة، والسماء قبلة الدعاء، فمحبته صلى الله عليه وسلم هي قبلة القلوب، وهي مفتاح تمام المتابعة، ومفتاح الفلاح في الدارين. والاقتضاء به صلى الله عليه وسلم ومتابعته يورثان محبة الله ومغفرته قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران : 31] وقال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب : 21]، وعجبت لمن يدعي متابعته صلى الله عليه وسلم ويغيب عنه الإقتضاء به في أخلاقه لا سيما قد ورد عنه صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
سابعاً: مقومات تجديد الأمة 1- وحدة القصد – الله 2- القرآن الكريم – الإمام 3- محبة النبي الأمي الذي تنسب إليه الأمة حين يقول في حديث الشفاعة: "أمتي أمتي" ومتابعته واتخاذه أسوة حسنة كما أخبرنا الله، والاقتضاء به في الأعمال والأخلاق. 4- اللسان العربي وخاصة الألفاظ القرآنية فإنها مفتاح الإتفاق. 5- وحدة القبلة والتعلق بأم القرى وبالكعبة وبالمسجد الحرام (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) 6- المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، فكذلك تشد رحال الآمال إلى تحرير الأقصى. 7- الصدق 8- الحب 9- الفطرة – الأمية 10- الثلاث صفات التي وسمت بها الأمة بالخيرية وهي: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران : 110] 11- الوسطية والاعتدال 12- التسليم لرب العالمين وعدم المنازعة. 13- كلنا مجددون (إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) ولفظة (من) تنطبق على الواحد وتنطبق على (الجمع) فلم لا نجدد الأمة بالأمة و(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) 14- تقديم القلب للإمامة – فالقلب إمام وأمة. 15- تعظيم أمر الأمانة. 16- التخلص من صفة الغثية التي وردت في الحديث: عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا) فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ) فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) (غثي) الغين والثاء والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعِ شيء دَنِيٍّ فوق شيء. من ذلك الغُثَاء: غُثَاء السَّيْل. والوهن حب الدنيا وكراهية الموت، فيجب التنقي عنه للتطهر من الغثية. 17- إذا كان قلب القلب هو الإعتدال وقَلْبُ (قَلْب) هو اللام،وقلب لام هو مال، فلم لا نبدأ من المتاح مثلاً – الإنترنت – ونميل بها، فلنصنع مثلاً أمة افتراضية virtual nation – بمعنى لو أن كل موقع بغض النظر عن انتمائه ومذهبه يجعل باباً عنده أسمه – الأمة الإسلامية – يضع فيه المشاركات التي لا خلاف بين اثنين من أفراض الأمة عليها بغض النظر عن المذاهب والطوائف والفرق، ويسعى أعضاء المنتدى إلى تحرير هذه المشاركة حتى تأخذ الصورة النهائية لها ثم يتم انشاء موقعاً اسمه مثلاً – موقع الأمة الاسلامية – ويرشح كل منتدى من منتديات المذاهب فرداً من عنده يتسم بالاعتدال والقسط والعدل والحب ويمثله في منتدى الأمة – حتى إذا اجتمع الأفراد المرشحين من المنتديات المختلفة كانوا هم المشرفين على منتدى الأمة – ويحرص الجميع على نقاط الإتفاق وعدم الخلاف – وأن يكون السمة العامة في المنتدى هي الحب والقصد والاعتدال والوسطية، ويعلموا أنهم لن يسلموا من أعداء الأمة الذين الأصل عندهم هو ما فعلوه في العراق ويفعلوه في غيره وهو مبدأ – فرِّق تَسُدْ - فسيحاولون التفرقة بين بنيان الأمة، ولكن المعتدلون لهم بالمرصاد يزبون عن هذه الأمة الافتراضية أمثال هذا، والله ولي التوفيق. 18- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال : 45] فلابد من الثبات على الدين واليقين وكثرة الذكر للفلاح عند مقابلة الفئات التي تلقاها الأمة في الحس والمعنى، وبكثرة الذكر ترتفع الطاقة الإيمانية للأمة علَّ الله يكشف عنها الغمة ويتم عليها النعمة، وليكن شعارنا في هذا النداء هو (بسم الله الرحمن الرحيم) فإنها مفتاح كل خير. 19- هذه الكلمات هي بداية محاولات، جسداً يطلب الروح، تنادي على الصادقين لينفخوا فيها روح صدقهم، هي نداء: (واسلاماه) فهل من مجيب؟ وصلى الله على من إليه الأمة تنتسب حين يقول: "أمتي أمتي"، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمدُ لله رب العالمين. | |
|
فراج يعقوب
عدد الرسائل : 44 تاريخ التسجيل : 25/11/2008
| موضوع: رد: ما هو معنى الأمة؟ أرجو المشاركة الجمعة ديسمبر 07, 2012 12:03 pm | |
| جزاكم الله خيرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
| |
|