فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: إلا تنصروه فقد نصره الله الأربعاء سبتمبر 12, 2012 2:04 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله افتتح أم كتاب الوجود بالحمد، والصلاة والسلام على الأحمد المحمد المحمود صاحب لواء الحمد، وعلى آله امتداد محموديته وصحبه من وفّوا بالعقود وصانوا العهود، فاندرجوا معه صلى الله عليه وسلم تحت لواء الحمد. أما بعد... سلام الله على أمة أحمد الحمّادون ورحمته وبركاته... تفطرت قلوب الأمة حزناً على الإساءات المتلاحقات التي يحاول أهل غرب الغرب – وفقاً لتخطيط متعمد ومدروس منهم - أن يلحقوها بالذات المحمدية التي هي بطبيعتها عن النقائص متعالية، كالشمس لا يلحقها شك من انتقاص الخفافيش لضوئها، والبحر لا يلحق ماؤه صفة التنجس إذ هو الطاهر المطهَّر المطهِّر لغيره ولكن (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج/46].
وليس يصح في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل وليست هذه الاساءات الجويهلات إلا أدل دليل على استحكام الظلمات، واحتجاب الاحتجاب، ولكن قد بشرنا شيخنا وأستاذنا شيخ الشيوخ سيدي أبو العباس المرسي رضي الله عنه فقال: "إن لله عباداً كلما اشتدت ظلمة الوقت اشتدت أنوارهم" اللهم فبه صلى الله عليه وسلم وبمشايخنا الكرام اجعلنا من هؤلاء العباد حيث اشتدت الظلمات على البلاد (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور/40].. قال الله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة/40] قال ابن كثير في تفسيره: يقول تعالى: ( إِلا تَنْصُرُوهُ ) أي: تنصروا رسوله، فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه، كما تولى نصره ( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ]. انتهى. وفي تفسير القرطبي والمعنى: إن تركتم نصره فالله يتكفل به، إذ قد نصره الله في مواطن القلة وأظهره على عدوه بالغلبة والعزة. وقال البغوي في تفسيره: قوله تعالى: ( إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ) هذا إعلام من الله عز وجل أنه المتكفل بنصر رسوله وإعزاز دينه، أعانوه أو لم يعينوه، وأنه قد نصره عند قلة الأولياء، وكثرة الأعداء، فكيف به اليوم وهو في كثرة من العَدَد والعُدَد؟
وقد ورد في تفسير الدر المنثور للسيوطي قال: "وأخرج خيثمة بن سليمان الاطرابلسي في فضائل الصحابة وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن الله ذم الناس كلهم ومدح أبا بكر رضي الله عنه ، فقال ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا )". انتهى وقال في موضع آخر: "وأخرج ابن عساكر عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : عاتب الله المسلمين جميعاً في نبيه صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر رضي الله عنه وحده ، فإنه خرج من المعاتبة ، ثم قرأ ( إلا تنصروه فقد نصره الله ) الآية . وأخرج الحكيم الترمذي عن الحسن رضي الله عنه قال : لقد عاتب الله جميع أهل الأرض فقال ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين )". انتهى.
وفي تفسير الألوسي قال: وقوله سبحانه : ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ ) الخ عتاب للمتثاقلين أو لأهل الأرض كافة وارشاد إلى أنه عليه الصلاة والسلام مستغن بنصرة الله عن نصرة المخلوقين . وفيه إشارة إلى رتبة الصديق رضي الله تعالى عنه فقد انفرد برسول الله صلى الله عليه وسلم انفراده عليه الصلاة والسلام بربه سبحانه في مقام قاب قوسين ، ومعنى ( إِنَّ الله مَعَنَا ) [ التوبة : 40 ] على ما قال ابن عطاء إنه معنا في الازل حيث وصل بيننا بوصلة الصحبة وأثر هذه المعية قد ظهر في الدنيا والآخرة فلم يفارقه حياً ولا ميتاً ، وقيل : معنا بظهور عنايته ومشاهدته وقربه الذي لا يكيف. انتهى.
فيا من يبتغي نصرته صلى الله عليه وسلم، اعلموا أنه مما قد تميز به الصدِّيق عن الخلائق كونه رفيق الهجرة والغار معه صلى الله عليه وسلم – وقد فاتتنا هذه الفضيلة وتفرد بها الصدِّيق الأعظم رضي الله عنه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فتحنا لنا باباً للهجرة إليه وأنار المعالم إليه، وها هو صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبشرنا بحديثه الصحيح الذي رواه مسلم عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه رَدَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ) قال إمامنا وحبيبنا الإمام النووي في شرحه على مسلم: "الْمُرَاد بِالْهَرْجِ هُنَا الْفِتْنَة وَاخْتِلَاط أُمُور النَّاس . وَسَبَب كَثْرَة فَضْل الْعِبَادَة فِيهِ أَنَّ النَّاس يَغْفُلُونَ عَنْهَا ، وَيَشْتَغِلُونَ عَنْهَا ، وَلَا يَتَفَرَّغ لَهَا إِلَّا أَفْرَاد". انتهى . فيا أيها الأفراد دعونا حين يسيئون إلى من خرجوا إلى الوجود بسببه، ويجهلون مقدار ذرة من قدره، دعونا – نحن أمته وأحبته صلى الله عليه وسلم - نزداد له حباً ولوصله طلباً وعليه صلاةً وتسليماً وله توقيراً وتعظيماً وهجرة إليه، ونزداد لأمره طاعة، ولنهيه هجرةً. ولنستبشر بأنه إن فاتنا صحبته في حياته صلى الله عليه وسلم فلم تفتنا فضيلة ذلك بصدق السلوك لطريق الحق، ففي تفسير حقي – في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنفال/75] قال: وفى قوله تعالى: (فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ) اشارة إلى أن كل سالك صادق سلك طريق الحق من المتأخرين على قدم الايمان والهجرة والجهاد الحقيقى فهو من المتقدمين لأنه ليس عند الله صباح ولا مساء فالواصلون كلهم كنفس واحدة وهم متبرئون من الزمان والمكان استوى عندهم الأمس واليوم والغد والقرب والبعد والعلو والسفل ولهذا قال عليه السلام: «أمتى كالمطر لا يدرى أولهم خير أم آخرهم » وعند المتأخرين من اخوانه قال: (واشوقاه الى لقاء اخوانى)" انتهى.
ولنعلم أيها الكرام أن الله قد جعل في طيات اساءة من أساء إليه صلى الله عليه وسلم بشرى عظيمة فقال تعالى في سورة الكوثر: (بسم الله الرحمن الرحيم. إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)) فبشره بالكوثر وبالخير الكثير قبل أن يواسيه فيمن أساء إليه ويرد عنه الإساءة بنفسه مؤكداً الجملة بلفظة "إنَّ" وبالضمير وبأسلوب السياق، فصارت الجملة يقنية ختم بها السورة ختاماً قاطعاً قوياً مُنهياً للأمر (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء/18]). وفي تفسير الطبري – قال: "عني بقوله جل ثناؤه: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) إن مبغضك يا محمد وعدوك (هُوَ الأبْتَرُ ) يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره، الذي لا عقب له." وساق الطبري بأسانيده ما ورد في أسباب نزول الآية وفي تأويلها ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقلّ الأذلّ، المنقطع عقبه، فذلك صفة كل من أبغضه من الناس، وإن كانت الآية نزلت في شخص بعينه". انتهى. وفي تفسير ابن كثير - وقوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ ) أي: إن مبغضك -يا محمد- ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكْرُه. انتهى. وقال: وعن ابن عباس: نزلت في أبي جهل. وعنه: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) يعني: عدوك. وهذا يَعُمُّ جميعَ من اتصفَ بذلك ممن ذكر، وغيرهم. انتهى.
وفي تفسير القشيري – في قوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ ) . قال: أي : لا يُذْكَرُ بخيرٍ ، مُنْقَطِعٌ عنه كل خير . انتهى.
وفي تفسير حقي – قال: "يقول الفقير أيده الله القدير وردت على سورة الكوثر وقت الضحى بعد القيلولة والاشارة فيها (إنا) بجميع اسماءنا اللطفية الجمالية الاكرامية (أعطيناك) يا محمد القلب ورسول الهدى المبعوث الى جميع القوى بالخير والهدى (الكوثر) وهو العلم الكثير الفائض من منبع الاسم الرحمن فانا رحمناك بهذه الرحمة العامة الشاملة لجميع الرحمات فلذا صرت مظهر الرحمة الكلية فى جميع المواطن فلك علم الاحكام وعلم الحقائق (فصل) فى مسجد الفناء والتسليم وهو المسجد الابراهيمى، (لربك) اى لشكر ربك ولادامة شهوده وابقاء حضوره معك فى جميع الحالات (وانحر) بدنة البدن فى طريق الخدمة وبدنة الطبيعة فى طريق العفة وبدنة النفس فى طريق الفتوة (إن شانئك) أى مبغضك من القوى الشريرة الأنفسية والآفاقية (هو الأبتر) المقطوع أعقابه وآخره كما قال تعالى (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) الذى ربى أولياءه فجعل لهم الوصل كما جعل لأعدائهم القطع " انتهى.
ولنضع الآن بشارتان بين يدي محبي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اساءهم جهل الجاهلين فنقول: الأولى: سبق أن ذكرنا أن الاساءة جاءت في طياتها البشارة، فإن الله بشر رسوله صلى الله عليه وسلم بالخير الكثير قبل ذكر المسيئين إليه، وقد تولى بنفسه دفع الاساءة وبشر رسوله بالكوثر قبل أن يتطرق إلي ذكرها. الثانية: وتأتي من علوم القرآن، وهو علاقة السور بالتي قبلها والتي تليها، فإننا قد لاحظنا أن (سورة الكافرون) في ترتيب المصحف – وهو توقيفي - هي السورة التالية لسورة الكوثر، وكأنما انتهت سورة الكوثر بقوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) ثم ابتدأت: سورة الكافرون بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) فكأن (شانئك) يا محمد أي من ينتقصوك إنما هم كافرون، والكفر لغة من الستر والستر حجاب، فهم محجوبون مستورون عن شهود الجمال المحمدي. أين هؤلاء من الحب والحبيب صلى الله عليه وسلم؟ ولننظر ما قاله سيدنا حسان ابن ثابت عندما بعثه قومه لهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه للمرة الأولى عاد ووصفه لقومه فقال:
لما نظرت إلى أنواره ســـطعت *** وضعت من خيفتي كفي على بصرى خوفا على بصري من حسن صورته *** فلست أنظـره إلا على قدري الأنوار من نوره في نـوره غرقت *** والوجه مثل طلوع الشمس والقمـرِ روح من النور في جسـم من القمر *** كحلة نسـجت بالأنُجُمِ الزهـرِ
فقال له قومه ما هذا يا حسان فقال رضى الله عنه : هذا الذي رأيته وعار على الرجل إن وصف يكذب .
والذي نرى – والله أعلم – أن تكرار الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنوع أوجهها، إنما هو بتدبير سابق مخطط له ومدروس، وليس الأمر فيما يُطلق عليه هذه الأيام "حوار بين الأديان" فسب المقدسات ليس من الحوار في شيء. وعليه فإنه بعد هذا التكرار من الإساءات فإنه وفقاً للترتيب القرآني يأتي التبري من الكافرين كما في سورة الكافرون. فإذا ما تم التبري التام، فإن السورة التي تلت سورة الكافرون هي سورة النصر: سورة النصر بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3) ولذلك نجد الإمام السيوطي في أسرار ترتيب القرآن في سر ترتيب (سورة الكافرون ثم سورة النصر) يقول: "(سورة الكافرون) أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنه تعالى لما قال: (فصل لربك) أمره أن يخاطب الكافرين بأنه لا يعبد إلا ربه، ولا يعبد ما يعبدون، وبالغ في ذلك فكرر، وانفصل منهم على أن لهم دينهم وله دينه" (سورة النصر) يقول: "أقول: وجه اتصالها بما قبلها: أنه قال في آخر ما قبلها: (ولي دين) فكان فيه إشعار بأنه خلص له دينه، وسلم من شوائب الكفار والمخالفين، فعقب ببيان وقت ذلك، وهو مجئ الفتح والنصر، فإن الناس حين دخلوا في دين الله أفواجاً، فقد تم الأمر، وذهب الكفر، وخلص دين الإسلام ممن كان يناوئه، ولذلك كانت السورة إشارة إلى وفاته صلى الله عليه وسلم وقال الإمام فخر الدين: كأنه تعالى يقول: لما أمرتك في السورة المتقدمة بمجاهدة جميع الكفار، بالتبرى منهم، وإبطال دينهم، جزيتك على ذلك بالنصر والفتح، وتكثير الأتباع" انتهى. قال السيوطي في موضع آخر في استكمال نقوله: وقال أيضاً في أسرار ترتيب القرآن - قال: (إِنّا أَعطيناكَ الكوثر) أي: هذه الفضائل المتكاثرة المذكورة في هذه السور، التي كل واحدة منها أعظم من ملك الدنيا بحذافيرها، فاشتغل أنت بعبادة ربك، إما بالنفس، وهو قوله (فصل لربك) وإما بالمال، وهو قوله (وانحر) وإما بإرشاد العباد إلى الأصلح، وهو قوله: (قُل يا أَيُها الكافرون لا أَعبدُ ما تعبدون) فثبت أن هذه السورة كالمتممة لما قبلها وأما كونها كالأصل لما بعدها فهو: أنه تعالى يأمره بعد هذه أن يكف عن أهل الدنيا جميعاً بقوله: (قُل يا أَيُها الكافرون) إلى آخر السورة ويبطل أذاهم، وذلك يقتضى نصرهم على أعدائهم، لأن الطعن على الإنسان في دينه أشد عليه من الطعن في نفسه وزوجه، وذلك مما يجبن عنه كل أحد من الخلق، فإن موسى وهارون أرسلا إلى فرعون واحد فقالا: (إِنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى) ومحمد صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الخلق جميعاً، فكان كل واحد من الخلق كفرعون بالنسبة إليه فدبر الله في إزالة الخوف الشديد تدبيراً لطيفاً، بأن قدم هذه السورة، وأخبر فيها بإعطائه الخير الكثير، ومن جملته أيضاً: الرئاسة، ومفاتيح الدنيا، فلا يلتفت إلى ما بأيديهم من زهرة الدنيا، وذلك أدعى إلى مجاهدتهم بالعداوة، والصلح بالحق، لعدم تطلعه إلى ما بأيديهم ثم ذكر بعد سورة الكافرين سورة النصر، فكأنه تعالى يقول: وعدتك بالخير الكثير، وإتمام أمرك، وأمرتك بإبطال أديانهم، والبراءة من معبوداتهم، فلما امتثلت أمري أنجزت لك الوعد بالفتح والنصر، وكثرة الأتباع، بدخول الناس في دين الله أفواجاً. انتهى المقصود نقله وفي هذا العلم – علوم القرآن – فيما يخص التأمل في العلاقات المتتاليات بين السور والتي تليها بدءاً من سورة (الكوثر) إلى سورة (الناس) مفاتيح لمن أنار الله بصيرته، وفيما أشرنا إليه في هذا الموضع كفاية، والله يتولانا وإياكم والسلام.. | |
|
فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: رد: إلا تنصروه فقد نصره الله الأربعاء سبتمبر 12, 2012 2:06 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه سلام الله على أمة الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل (450) مرة وحزب النصر للشاذلية على من أساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفيلم المسيء وعلى كل من يدبر ويخطط بالمكر السيء للإساءة إلى صاحب الشفاعة العظمى صلى الله عليه وسلم الذي يشفع في الخلائق يوم القيامة العفو العفو يا رسول الله لأمتك وصلى الله على خير الورى وآله وصحبه ما نور سرى والحمد لله القوي الأعلى
| |
|