عمر الريسوني
عدد الرسائل : 2 تاريخ التسجيل : 22/01/2015
| موضوع: الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا السبت يناير 31, 2015 4:34 pm | |
| الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وكافة المرسلين وعباده الصالحين
ثقل مرض الموت ، أول قناطر المعرفة بالله عند المحجوبين ، ولهذا قيل : موتوا قبل أن تموتوا ، فحضرة الموت تكشف الحجب ، كما ورد : الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا
حديث: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا هذا الكلام ليس بحديث، بل هو من كلام علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، وقيل: من كلام سهل بن عبد الله التستري، حسب ما ذُكر في "كشف الخفاء" للعجلوني النوم على أقسام : نوم غفلة ونوم عادة ونوم الغفلة غير محمود بل هو معلول لأنه أخو الموت ، ولو كان في النوم خير لكان في الجنة نوم ، فمن نام غفل ومن نام حجب ، والواصلون تجد نفوسهم يزعجها صدق عزيمتهم فلا تسترسل في الاستقرار ، وهو التجافي عن المضاجع ، قال تعالى ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) الآية 16 ، من سورة السجدة ، فأرباب الهمم يزعجون النفس عن طبيعتها بالنظر الى اللذات الروحية فتتجافى جنوبهم عن المضاجع ويخرجون عن صفة الغفلة ، فيغيروا عادة نومهم ، لأن النفس بتركيبها تستلين النوم بينما الواصلون نظرتهم الى المعالي الفوقية مشدوهون لاستيفاء الأقسام العلوية الرحمانية ، فالنفس اذا مالت الى الجهة السفلية جذبت القلب الذي هو النفس الناطقة الى مركزها فيموت عن الحياة العلمية المعرفية الحقيقية ، فاذا ماتت النفس عن هواها بقمعها لهذا الهوى انصرف القلب بالطبع والمحبة الأصلية الى عالمه : عالم القدس والنور والحياة الذاتية التي لا تقبل الموت أصلا ، لذلك فمن أحيا قلبه فانه حي بهداه عن الضلالة وبمعرفته عن الجهالة وهنا تتبين الحكمة المتعالية لله وخلقه للموت والحياة ، قال تعالى ( أو من كان ميتا فأحييناه ) الآية ، يعني من كان ميتا بالجهل فأحييناه بالعلم ، فالأحياء الموتى هم الذين فسقوا عن أمر الله فصاروا أمواتا بالروح الا من رحم الله ، فالذي اعتاد على الخطيئة والذنب وعصيان أمر الله ونسي الله فهو يتردى في الموت الروحي ، فهل من جعلناه اماما يهتدى بنور الله ويرجع اليه في الضلال ويتوب وينيب اليه كمن مثله فى الظلمات منغمس مع شهوته وهواه فلم يؤيد بأنوارالقرب ومؤانسة الحضرة فاذا أحيا الله عبداً بأنواره لا يموت أبدا واذا أماته بخذلانه فانه لا يحيا أبداً ، أومن كان ميتا بالانقطاع عنا فأحييناه بالاتصال بنا وجعلنا له نوراً أيضا لا كمن تركناه فى ظلمة الانقطاع ، والمؤمن قد ينقص ايمانه لكن الله تعالى يغمره برحمته فيحيا قلبه مجددا بذلك ايمانه فالايمان عند هؤلاء القوم حياة القلب بالله وأهل الغفلة اذا ألهموا الذكر فقد صاروا أحياء بعد ما كانوا أمواتا ، وأرباب الذكر لو اعتراهم نسيان فقد ماتوا بعد الحياة ، والذى هو فى أنوار القرب وتحت شعاع العرفان وفى روح الاستبصار لا يدانيه من هو فى أسرار الظلمات ولا يساويه من هو رهين الآفات ، قال تعالى ( وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها ) الآية ، فانظروا الى الأرض الجذبة الميتة كيف يحييها الله برحمته ، والله تعالى خلق الموت والحياة ليبلو الناس ، ودليل البعث بعد الموت هو دليل الاحياء للأرض والنبات بعد مواتهما ، فكما أحيا الله الأرض بعد موتها فكذلك يبعث الناس جميعا باحيائهم ، أما الموتى الأحياء فهم الذين أبصروا نور الله وأدركوا أن كل شيء لا يواصلهم صلة بالله فانما يختدعهم وغمرتهم البشارة فظهرت في أسارير وجوههم ، فالحجب (بفتح الحاء ) عبارة عن انطباع الصور الكونية في القلب لأنها مانعة من قبول التجلي الالهي ، لذلك فمن أحيوا قلوبهم فهم أحياء بربهم ، وليسوا أمواتا ، فالحجاب الذي يحجب الانسان عن قرب الله يكون ظلمانيا بتأثير ظلمة الجسم ، وكل المدركات الباطنة من النفس والعقل والقلب والسر والروح والخفي وهذا العرفان المزهر لا يهدمه الموت ويزدان بما وقر في سريرة العبد من صدق توجهه الى مولاه حتى ينفض العبد عنه كل الحجب الظلمانية المانعة فتتفتح له اشراقات من الرحمة الغامرة ويترقى بما استوفى من استعداد يوصله الى مولاه فتأملوا يرحمكم الله ابتسامة هذا الشهيد فانها حقا ابتسامة نابعة من أعماق روحه | |
|