فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: الفرق بين الصحبة فى الله وصحبة المرء لأصحابه أو أهله أو زملائه الأحد نوفمبر 02, 2008 3:29 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكريم الغفار، والصلاة والسلام على سيد الأخيار وآله وصحبه الأبرار سلام الله عليكم ورحمته وبركاته... أما بعد... فهذا السؤال من مجموعة: "ويسألونني" للعارف بالله الشيخ رزق السيد عبده رضي الله عنه نترك القاريء يستمتع بإجابة الشيخ رزق له:
ويسألوننى ما الفرق بين الصحبة فى الله وصحبة المرء لأصحابه أو أهله أو زملائه؟
فنقول للسائل قد سألت عن مسألة هى أساس فى طريق الله، وتعتبر من أهم المؤثرات على صحة السير. وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أشار لأهمية الصحبة وخطرها فى غير ما موضع فقال صلى الله عليه وسلم : "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير، إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً مُنتِنَة" متفق عليه.
وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لاتصاحب إلا مؤمناً، ولايأكل طعامك إلا تقى" رواه أبو داود والترمذى بإسناد لا بأس به - قاله النووى. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" رواه أبو داود والترمذى بإسناد صحيح، وقال الترمذى: حديث حسـن .
وفى الحديث المتفق عليه عن حلق الذكر قال صلى الله عليه وسلم فى القوم الذين يذكرون الله فيشهد الله ملائكته أنه قد غفر لهم فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلانٌ ليس منهم، إنما جاء لحاجة، فيقول تعالى: "هم الجُلساء لا يشقى بهم جليسهم" وفى رواية لمسلم أنه تعالى يقول: "قد غفرتُ لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا" فيقول الملائكة : ربِّ فيهم فلانٌ عبدٌ خطاء، إنما مر فجلس معهم فيقول : "وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم".
فهذا الذى ليس منهم وإنما جاء لحاجة أو مر فجلس معهم قد دخل ببركتهم فى المغفرة، وزال عنه وصف الشقاء، بل واستثنى من عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى" - الحديث ، فهذا الرجل لم ينوِ صحبة هؤلاء وليس منهم بل وجاء لحاجةٍ الأغلب أنها دنيوية، ولكنه ببركة الصحبة نال مغفرةً وزال عنه الشقاء فيا لها من نعم مترادفة على من صحب الذاكرين بغير نية، فما بالك بمن صحبهم لله وفى الله ؟
وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بلزوم صحبة أقوام فقال: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾
ويظهر للمتأمل الفرق بين الصحبتين موضوع سؤالنا إذا تدبر قوله تعالى : ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾
ثم يترتب على الصحبة الحب، وهو الذى يرقى بصاحبه إلى مراقٍ لم يكن ليبلغها بعمله، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المرء مع من أحب" متفق عليه. وفى رواية قيل للنبى صلى الله عليه وسلم: لرجل يحب القوم ولمَّا يلحق بهم؟ قال: " المرء مع من أحب". وسأله أعرابياً: متى الساعة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أعددتَ لها؟" قال: حبُّ الله ورسوله قال "أنت مع من أحببت" متفق عليه وهذا لفظ مسلم.
ففرح بها الصحابة رضى الله عنهم لأنه منهم من يحب أبا بكرٍ وعمر وعثمان وعلى ولما يترقى لأعمالهم ومنزلتهم فيحشر معهم بحبهم.
وقد يترقى من يحب الصالحين وأعماله لا ترقى إلى مستوى أعمالهم إلى درجتهم ويحشر معهم إن كان حبه حقيقياً. فما بالك إذا حشرت مع الصالحين والشهداء والكل فى معية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحبتك إياهم. وقدر الصحبة أو الأخوة فى الله أنزلها الله من فوق سبع سموات، حملها قلب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ . والأخوة فى الله منزلة عالية رفيعة، وشرطها أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، إجتمعا على الله وافترقا عليه.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم "أن رجلاً زار أخاً له فى قرية أخرى، فأرصد الله تعالى على مدرجته ملَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لى فى هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تَرُبُّها عليه؟ قال: لا غير أنى أحببته فى الله تعالى، قال: إنى رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" رواه مسلم.
ثم هيا بنا نستعرض حال الفقير مع أحبابه واخوانه فى الله، وهو كما قلنا يحشر معهم، والقبر أول الدخول للآخرة، فإن سبقهم وانتقل إلى البرزخ نجد أن إخوانه دائماً يتذكروه ويدعون له بالرحمة وغيرها ويقرأون له الفواتح ويهدونه بهدايا الأعمال الصالحات. وأما إن سبقوه إلى دار القرار فإنهم ينتظروه فى البرزخ ويسألون من انتقل قريباً عن أحواله قال تعالى: ﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ . ويستقبلونه إذا ورد عليهم ، ولذلك ترى بعضهم فى حالة خروج الروح ينادى بأسماء أناسٍ قد توفوا لأنه فى ذلك الوقت يراهم. وكذلك الشيخ المنتقل - وهو على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكون منتظراً لهم. قال تعالى: ﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ . فيكونون فى البرزخ كما هم فى الدنيا يجتمعون كاجتماعهم فيها، أما والعياذ بالله من ليس لهم نصيب كهذا فلا تدرون أين يكونون، نسأل الله أن يجمعنا فى مستقر رحمته. ثم إن يوم القيامة يوم شديد وصعب ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)﴾ . ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ . والناس يقاسون يوماً عصيباً حتى أنهم يتمنون أن يُقام الميزان وينتهوا مما هم فيه ولو إلى النار.
فى هذا الوقت العصيب ينادى الحق "أين المتحابون بجلالى ؟ اليوم أظلهم فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجلَّ : المتحابون فى جلالى، لهم منابر ممن نور يغبطهم النبيون والشهداء" رواه الترمذى وقال : حديث حسن صحيح.
فلو لم يكن إلا هذا لكان فضيلةً كافيةً للمداومة على الصحبة فى الله والأخوة فى الله وحفظ حرمتها وحقوقها.
ويكون الأحباب فى الله فى عصمة من النار وعصمة من الخطأ، ويستحقون محبة الله تعالى ففى الحديث القدســـى: قال اللــه تعالى: "وجبت محبتى للمتحابين فىّ ، والمتجالسين فىّ، والمتزاورين فىّ، والمتباذلين فىّ" حديث صحيح رواه الإمام مالك فى الموطأ بإسناد صحيح. جعلنا الله تعالى من المتحابين فيه المجتمعين عليه بمنه وكرمه.. انتهى المقصود نقله من مجموعة "ويسألونني" للعارف بالله رزق السيد عبده رضي الله عنه. | |
|