فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: تنزله صلى الله عليه وسلم من مراتب الغيب وسريانه في مراتب الشهادة الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:31 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله
الحمد لله الواحد الأحد. الفرد الصمد. والصلاة والسلام على الأحمد المحمد. المحمود الممجد. وآله وصحبه وأميي أمته صلاةً وسلاماً لا يحدهما حدٌ ولا عدد. أما بعد...
فهذا تعليق لنا على بعض المشاركات التي كانت في بعض المنتديات اقتطعناها ونذكرها هنا للحاجة إلى الإشارة إليها في بعض تعليقاتنا هنا على بعض المشاركين في إحدى المساهمات.
فنقول وبالله التوفيق مستفتحين بقول شيخنا العارف بالله رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي في شرحه للوظيفة الشاذلية (تحت الطبع): (فقد يصل الواصلون إلى مقام ومع ذلك فالترقى لا يتناهى والمقام هنا هو الحيرة وفى نفس هذا المقام يكون الترقى وفى نطاقه تكون الدرجات) . انتهى. ويقول خاتم الأولياء الشيخ الأكبر في الفتوحات المكية - الباب التاسع والخمسون وخمسمائة - في معرفة أثار وحقائق من منازل مختلفة قال: "إلى الحيرة هو الانتهاء، وما بيد العالم بالله من العلم بالله سواها، ما أحسن الإشارة في كون الله ما ختم القرآن العظيم الذي هو الفاتحة إلا بأهل الحيرة وهو قوله (وَلَا الضَّالِّينَ) والضلالة ثم شرع عقبيها (آمين) أي أمنا بما سألناك فيه فإن (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّين) نعت للذين أنعمت عليهم وهو نعت تنزيه ومن علم أن الغاية هي الحيرة فما حار بل هو على نور من ربه في ذلك" انتهى ونقول: إن الضلال هو الغياب وهو مراتب انشقاق غيب الغيب إلى غيب وشهادة.
إننا نحتاج أولاً أن نتكلم على الفرق في اللسان العربي الوجودي بين: غاب واحتجب وبطن وضل.
إن قولنا "غابت الشمس اليوم" قد يستلزم غيابها بعد ظهورها (الغيب النسبي) أو عدم ظهور الشمس في ذلك اليوم أصلاً (الغيب المطلق)، بينما قولنا "احتجبت الشمس" تستلزم اختفاء الشمس بعد ظهورها ولا يصح أصلا قول "بطنت الشمس". ومن هنا فإن كلمة الغيب هي كلمة جامعة وتشمل ما يصح ظهوره والعلم به ومعرفته في وقت من الأوقات أي كان وما لا يصح ظهوره أصلا كالذات الساذج وكالأحدية المستلزمة لقهر الموجودات كلها. والبطون هو المقابل للظهور ويشير إلى شيء لا يصح ظهوره، ومن هنا كان الغيب جامعاً لكل من الاحتجاب أو البطون. وأما الضلال فهو سير الموجودات في منازل الغيب الجامعة لإحتجاب ثم بطون الموجود في حقيقة الوجود المسماة بالأحدية وأما الذات الساذج فلا قدم له فيها أصلا. ومن هنا كان الضلال أول منازل الظهور (القوس النازل) ومنتهى منازل البطون (القوس الصاعد) فكان جامعاً لحقيقة سير الموجود في مراتب الغيب. فمن مراتبها في القوس النازل قوله تعالى:
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) [الضحى/7]
وقوله تعالى:
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الجمعة/2] وقوله تعالى:
(وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) [النجم/1، 2] اشارة إلى تنزله صلى الله عليه وسلم من مراتب الغيب وسريانه في مراتب الشهادة. وأما القوس الصاعد فنراه في قوله تعالى:
(فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ) [يونس/32]
إن اسقاط جميع الاعتبارات هو عدم التقيد بأي قيد من هذه الاعتبارات وهذا يستلزم امكانية التقلب فيها وعدم التقيد بأحدها وهذه هي الصلة بين الهوية الإطلاقية وحقيقة الأمية التي هي العبد الكامل ونفس هذه الصلة التي هي عدم التقيد بأي اعتبار مع إمكان التقيد بها كلها هي التي انقسمت إلى العبد والرب. ومن هنا كانت الأمية هي القابلية العظمى والأم الكبرى ولكنها الأم التي تلد أبيها
إني وإن كنت ابن آدم صورة *** فلي فيه معنىً شاهد بأبوتي وهي الصحراء اللازمة للسير ثم الكشف ثم الفتح وفيها تتيه الأمم كلها، ولذلك كان إبراهيم أمة وحده. لم تكن مجرد صدفة أن كل الرسل العظام (أولي العزم) كان الوحي إليهم في الصحراء بل هي حقيقة وجودية في سير الوحدة وتنزلها في مراتبها وانفاتحها وظهورها لنفسها وعودتها مرة أخرى إلى مستقرها ومستودعها. ومن هنا كان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم هو الأول والآخر معاً وهو الظاهر والباطن معاً. | |
|