فقير الاسكندرية Admin
عدد الرسائل : 310 تاريخ التسجيل : 02/09/2008
| موضوع: هل الطريق يضع مريديه فى دائرة البلاء؟ وأين عبيد الإحســان؟ الخميس نوفمبر 06, 2008 5:37 pm | |
| الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نسأله العفو والغفران والصلاة والسلام على حبيب الرحمن وآله وصحبه ما تعاقب الجديدان. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته ونستأنف الأسئلة التي وردت على شيخنا سيدي رزق السيد عبده الحامدي الشاذلي في "مجموعة ويسألونني" وإجابات سيادته عليها
قال شيخنا رزق فى سلسلته ويسألوننى: ويسألوننى فيقولون: نرى بعض الدراويش يرددون أنهم أهل بلاء، وقد يعتبرون المعصية بلاء، فهل الطريق يضع مريديه فى دائرة البلاء؟ وأين عبيد الإحســان؟
- ونقول إن هؤلاء القوم يرددون كلاماً لا يعرفون معناه، فياليتهم يعلمون أنهم إذا وصفوا أنفسهم أنهم أهل بلاء فإنهم يطلبون ذلك لأنفسهم، ولن يستطيعوا له تحملاً حتى أن كثيراً من الأنبياء لم يكونوا محلاً للبلاء وهم الأقوى فى تحملهم من هؤلاء وقد روى البخارى فى صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان فى دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وإن كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه، فما يبرح البلاء حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة". فمن ادعى أنه من أهل البلاء فقد زكى نفسه لأن ابتلاء المرء على قدر دينه، فهل اولئك المدعون لهم مراتب تقارب هؤلاء الصالحين؟ وغالباً أن هؤلاء المدعين لايلتزمون بالكتاب والسنة، فإذا وجدوا أنفسهم مقصرين فى العبادات يعتبرون هذا بلاء، ويحتجون بالقضاء والقدر على فعل المعاصى، وليس هذا حال السائر إلى الله الذى يرى فى نفسه النقصان ويصبر عن المعاصى، فإن وقع فيها تاب واستغفر وجبر ما حصل منه بإتباعه بوابل من الحسنات، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ . وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج للطائف داعياً بعد موت عمه أبى طالب وزوجه السيدة/ خديجة رضى الله عنها، فآذاه أهل الطائف أذىً شديداً فدعا بدعائه المشهور الذى قال فيه: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتى، وقلة حيلتى، وهوانى على الناس" ... إلى أن قال: " إن لم تكن غضبان علىّ فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لى..." - الحديث . فانظر رحمك الله إلى طلب العافية بهذا الأدب الجليل، ثم إنه صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من تحول العافية حيث يقول: "اللهم إنى أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك" رواه مسلم. ثم إنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتعوذ من جهد البلاء فى الحديث الذى رواه البخارى، وتعوذ من ذلك فى الحديث المتفق عليه. وقال فى الحديث الصحيح الذى رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجه: "لاينبغى لمؤمن أن يذل نفسه: يتعرض للبلاء لما لايطيق" . وأمرنا فى حديث آخر رواه أيضاً الإمام أحمد والترمذى بسؤال العافية فقال: "سلوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يُعطَ بعد اليقين خيراً من العافية" . وأمر بذلك عمه العباس فى رواية أخرى لهما فقال: "يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية فى الدنيا والآخرة " . وسأله رجل فقال يا رسول الله أى الدعاء أفضل؟ فقال: "سل ربك العافية والمعافاة فى الدنيا والآخرة " وعلمنا أدب طلب العافية فقال: "من رأى مبتلىً فقال : الحمد لله الذى عافانى مما ابتلاك به وفضلنـــى على كثــيرٍ ممن خلــق تفضيـلا لم يصبه ذلك البلاء" .
ويقول سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه : "رأيت كأننى مع النبيين والصديقين فأردت الكون معهم ثم قلت: اللهم اسلك بى سبيلهم مع العافية مما ابتليتهم فإنهم أقوى ونحن أضعف منهم، فقيل لى: وما قدرت من شئ فأيدنا كما أيدتهم". وقال رضى الله عنه فى حزب البحر الشهير: "اللهم يسر لنا أمورنا مع الراحة لقلوبنا وأبداننا والسلامة والعافية فى ديننا ودنيانا"
والأمر الجامع لذلك أننا نسأل الله العافية على الدوام، ومن ذلك ما يطلبه الصوفية من الله سائلين إياه أن يجعلهم عبيد إحسان ولا يجعلهم عبيد امتحان، فإذا نزل البلاء فالواجب على العبد حينئذ الصبر، وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم حين قال: "يا أيها الناس لاتتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا" - الحديث وهو متفق عليه.
وقصة سمنون المحب رضى الله عنه فى ذلك مشهورة حيث أنشــد :
وليس لى فى سواك حظٌ *** فكيفما شئت فاختبرنى
فأخذه الأسر من ساعته وهو احتباس البول، فتجلد يوماً فزاد الألم، فتجلد الثانى فزاد الألم فتجلد ثالثاً ورابعاً فزاد الألم فهو فى صبيحة اليوم الرابع وإذا بإنسان من أصحابه قد أتاه وقال يا سيدى سمعت البارحة صوتك عند دجلة وأنت تستغيث إلى الله وتسأله رفع ما نزل بك، فجاءه ثانٍ وثالث ورابع ولم يكن هو سأل، فعلم أنها إشارة له من الله بالسؤال، فصار يدور على صبيان المكاتب ويقول: "ادعوا لعمكم الكذاب". قال سيدى أبو العباس المرسى رضى الله عنه: رحم الله سمنوناً عِوَضَ ما قال: "فكيفما شئت فأختبرنى" كان يقول: فكيفما شئت فاعفُ عنى فطلب العفو أولى من طلب الاختبار. انتهى كلام الشيخ أبى العباس المرسى وهو أساس فى هذه المسألة فانتبه إليه.
والبلاء لا يكون بالشر وحده ، بل قد يكون الخير أيضاً بلاءً ، قال تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ - الآية . وفسرها فى الجلالين : (ونختبركم بالشر والخير كفقرٍ وغنىً وسقم وصحة "فتنة" مفعول له أى لننظر أتصبرون أو تشكرون أم لا ).
وإلى تقلب المؤمن فى البلاء بين شرٍ يصبر له أو خيرٍ يشكر عليه يشير المصطفى صلى الله عليه وسلم فيقول: "عجباً لأمر المؤمن، إنَّ أمرَهُ كلَّهُ له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا المؤمن : إن أصابته ســراءُ شكَرَ فكان خيراً له، وإن أصابتهُ ضرَّاءُ صبرَ فكان خيراً له" رواه مسلم.
وعليه فالصبر قد يكون على البلاء أو على شكر النعم وأداء حقها أو على الطاعات أو عن المعاصى، ووراء ذلك ألوانٌ من الصبر لا يعرفها إلا أصحابها من كُمل الأولياء وسادات العارفين ونشير لك إلى مثالً منها: قيل: وقف رجل على الشبلى فقال: أى صبرٍ أشد على الصابرين؟ فقال: الصبر فى الله. فقال: لا، فقال الصبر لله، فقال: لا. فقال: الصبر مع الله. فقال: لا. فغضب الشبلى وقال: ويحك، أى شئٍ هو؟ فقال الرجل: الصبر عن الله. قال: فصرخ الشبلى صرخة كاد أن تتلف روحه. قال الإمام السهروردى فى عوارف المعارف معلقاً على ذلك: وعندى فى معنى الصبر عن الله وجه، ولكونه من أشد الصبر على الصابرين وجه: وذلك أن الصبر عن الله يكون فى أخص مقامات المشاهدة، يرجع العبد عن الله استحياءً وإجلالاً، وتنطبق بصيرته خجلاً وذوباناً، ويتغيب فى مفاوز استكانته وتخفيه لإحساسه بعظيم أمر التجلى، وهذا من أشد الصبر لأنه يود استدامة هذا الحال تأديةً لحق الجلال، والروح تود أن تكتحل بصيرتها باستلماع نور الجمال، وكما أن النفس منازعة لعموم حال الصبر، فالروح فى هذا الصبر منازعة، فاشتد الصبر عن الله تعالى لذلك. انتهى كلام الإمام السهروردى.
فأين من ادعى أنه من أهل البلاء وتعرض له، من صبر هؤلاء؟ فما أحسن قول القائل:
صارت مُشَّرقةً وصرت مُغرباً *** شتان ما بين مُشرقةٍ ومُغرب ِ | |
|
الدكتور
عدد الرسائل : 23 تاريخ التسجيل : 04/09/2008
| موضوع: رد: هل الطريق يضع مريديه فى دائرة البلاء؟ وأين عبيد الإحســان؟ الجمعة نوفمبر 07, 2008 6:46 pm | |
| ا لله بسم الله الرحمن الرحيم الله عليك يا سيدي رزق
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك اللهم إنا نسألك العفو والعافية اللهم إنا نسألك العافية فى الدنيا والآخرة رب أسألك العافية والمعافاة فى الدنيا والآخرة
اللهم اسلك بى سبيل النبيين والصديقين مع العافية مما ابتليتهم فإنهم أقوى ونحن أضعف منهم، وما قدرت من شئ فأيدنا كما أيدتهم اللهم يسر لنا أمورنا مع الراحة لقلوبنا وأبداننا والسلامة والعافية فى ديننا ودنيانا | |
|
محب
عدد الرسائل : 7 تاريخ التسجيل : 29/10/2008
| موضوع: رد: هل الطريق يضع مريديه فى دائرة البلاء؟ وأين عبيد الإحســان؟ السبت نوفمبر 08, 2008 4:58 pm | |
| اللهم اجعلنا عبيد محبه واحسان وعافينا من كل ابتلاء ابتليت به احدا من الناس | |
|